فالضربُ الأولُ: لا يُنسبُ إليه قولٌ بحالٍ مِن الأحوالِ.
والضربُ الثاني: مُسْتَحقٌّ أنْ يُنسبَ إليه ما في معناه، ممَّا وافقه في علتِه (١).
الوجه الثاني: أنَّ ما نصَّ إمامُ المذهبِ على علتِه ليس مِنْ قبيلِ المسكوتِ عنه؛ بلْ هو جارٍ مجرى النصِّ؛ لقوتِه (٢).
الدليل الثالث: أنَّ أقوالَ الأئمةِ عبارةٌ عمَّا يعتقدونها ويتديّنون بها، ولا يصحُّ لنا القطعُ بأنَّ الأئمةَ متدينون بحُكمِ الفرعِ المقيسِ على أقوالِهم (٣).
ويمكن مناقشة الدليل الثالث: بأنَّ ما قالوه صادقٌ على حالِ عدمِ نصِّ الإمامِ على العلةِ، أمَّا إذا نصَّ عليها، فإنَّنا نظنُّ أنَّه يتدينُ بما ثبتْ على قولِه قياسًا.
الدليل الرابع: لو قلنا بصحةِ نسبةِ القولِ إلى إمامِ المذهبِ بناءً على القياسِ؛ لأدَّى بنا إلى أنْ ننسبَ قولَ الإمامِ أبي حنيفةَ مثلًا إلى الإمامِ أحمدَ، وهذا لا يصحُّ (٤).
مناقشة الدليل الرابع: لا يُوجدُ مانعٌ مِنْ جعلِ قولِ الإمامِ موافقًا لقولِ غيرِه مِن الأئمةِ، متى ما صحَّ القياسُ على قولِه (٥).
أدلةُ أصحابِ القولِ الثالثِ:
يتألف قولهم مِنْ شقين:
الشق الأول: جوازُ القياسِ على قولِ الإمامِ، إذا نصَّ على العلةِ أو أومأَ إليها، سواءٌ قلنا بتخصيصِ العلةِ أم لا، وأدلته:
(١) انظر: تهذيب الأجوبة (١/ ٣٩٩). (٢) انظر: تحرير المقال للدكتور عياض السلمي (ص/ ٥٧ - ٥٨)، والتخريج عند الفقهاء والأصوليين للدكتور يعقوب الباحسين (ص/ ٢٦١ - ٢٦٢). (٣) انظر: تهذيب الأجوبة (١/ ٣٩٩). (٤) انظر: المصدر السابق (١/ ٣٩١). (٥) انظر: المصدر السابق (١/ ٤٠٠).