المثال الثاني: سُئلَ الإمامُ أحمدُ بنُ حنبل عن الضفدعِ، والسلحفاةِ؟ فقالَ:"ما أجترِئُ عليه، ولا بأسَ بأكلِ السلحفاةِ"(١).
ثانيًا: جوابُ الإمامِ بتعارضِ الأدلةِ، أو باختلافِ الصحابةِ أو باختلافِ الناسِ، دونَ بيانِ مذهبِه، فيُحكم بتوقّفِه في المسألةِ (٢).
يقولُ ابنُ حامدٍ:"قد يتخرَّجُ في المسألةِ - جواب الإمامِ باختلافِ الصحابةِ - وجهٌ آخر، وهو أنَّه لا يُنسبُ إليه في ذلك مذهبٌ بحالٍ"(٣).
ويقولُ - أيضًا -: "المذهبُ عندي فيما كان هذا طريقُه - أيْ: جواب الإمامِ باختلافِ العلماءِ - لم يقارِن ذلك في مكانٍ مِنْ مذهبِه تفسيرٌ منه: يُكْسِبُنا التوقّفَ"(٤).
أمثلة ذلك:
المثال الأول: سألَ صالحٌ الإمامَ أحمدَ بن حنبل عن رجلٍ ماتتْ امرأتُه، هل يجوزُ له أنْ ينظرَ إلى شيءٍ مِنْ محاسنِها؟ فقالَ: "الناسُ يختلفون في هذا، وقد رُويَ عنْ عمرَ أنَّه قال في امرأةٍ لمَّا تُوفيتْ فقال (٥) لأوليائها: (أنتم أحقُّ به)(٦)، ورُوي عن أبي بكرةَ (٧)
(١) مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله (١/ ٥ - ٦). (٢) انظر: تهذيب الأجوبة (١/ ٤٤٤، ٥٠٠، ٥٣٤ - ٥٣٦)، وصفة الفتوى (ص/ ١٠٠). (٣) انظر: تهذيب الأجوبة (١/ ٤٤٤). (٤) انظر: المصدر السابق (١/ ٥٣٦). (٥) هكذا ورد في المطبوع من مسائل الإمام أحمد برواية ابنه صالح (١/ ٢٧١)، وقد ساق ابنُ حامد المسالة في تهذيب الأجوبة (١/ ٤٣٩) دون لفظة: "فقال". (٦) لفظ أثر عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: عن مسروقٍ قال: ماتت امرأة لعمر، فقال: (أنا كنت أولى بها إذ كانت حية، أما الآن، فأنتم أولى بها)، وأخرجه: ابن أبي شيبة في: المصنف، كتاب: الجنائز، باب: في الزوج والأخ، أيهما أحق بالصلاة؟ (٧/ ٤٢٤)، برقم (١٢٠٨٤). وأخرجه عبد الرزاق في: المصنف، كتاب: الجنائز، باب: من أحق بالصلاة على الميت؟ (٣/ ٤٧٢)، برقم (٦٣٧٣) بلفظ: (الوليّ أحق بالصلاة عليها). (٧) هو: نفيع بن الحارث - وقيل: ابن مسروق - بن كلدة بن عمر بن علاج بن أبي سلمة، أبو بكرة، مشهور بكنيته، مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، نزل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حصن الطائف، فأسلم في غلمان من غلمان أهل الطائف، وأعلَمَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أنه عبدٌ، فأعتقه - صلى الله عليه وسلم -، كان أبو بكرة =