كلام الشارعِ لا يلزمُ منه أنْ تكونَ فائدتُه النفيَ عمَّا عداه؛ لأنَّ كلامَه معدِنُ البلاغةِ، فقد يكونُ مرادُه غيرَ ذلك، وأمَّا في كلامِ الناسِ: فهو خالٍ عن هذه المزيّةِ، فيُستدلُّ بكلامِهم على المفهومِ؛ لأنَّه المتعارفُ بينهم" (١).
القول الثاني: لا تصحُّ نسبةُ القولِ إلى إمام المذهب بناءً على مفهوم المخالفةِ.
وهذا القولُ وجهٌ عند الحنابلةِ (٢)، وهو قولُ بعضِ الشافعيةِ (٣). ونسبه أبو عبدِ الله المقَّري إلى المحققين (٤). واختاره: الخلالُ (٥)، وأبو عبد الله المقَّري (٦).
• أدلةُ القولين:
دليلُ أصحابِ القولِ الأولِ: أنَّ الأئمةَ يعرفون اللغةَ العربيةَ، ويميّزون بين ألفاظِها، فتخصيصهم لشيءٍ بالذِّكرِ، لا بُدَّ له مِنْ فائدةٍ، وليس له فائدةٌ إلا اختصاص المنطوقِ بالحُكمِ، ونفيه عن المسكوتِ، ولو لم نقلْ ذلك، لأدَّى إلى أنْ يكونَ تخصيصُ الأئمةِ للشئِ بالذكرِ دونَ غيرِه عبثًا ولغوًا، وهذا بعيدٌ عن مقامِ الأئمةِ (٧).
أدلةُ أصحابِ القولِ الثاني: استدلَّ أصحابُ القولِ الثاني بأدلةٍ، منها: