قوسٍ واحدةٍ، وكتبوا له أسئلةً يختبرون بها علمَه في مرتبةِ الاجتهادِ في الفتوى في المذهب الشافعي! (١).
وفي هذا الصنيعِ مِن معاصري السيوطي دلالةٌ على ضيقِهم وعدمِ قبولهم واستبعادِهم أنْ يبلغَ أحدٌ رتبةَ الاجتهادِ المطلقِ في الشريعةِ.
ولما دعا الشيخُ صالح المقبلي إلى تركِ التقليدِ الأعمى، والعملِ بالاجتهادِ أُوذي، وناله مِن المحنِ والعداوةِ ما حمله على تركِ بَلدِه، والارتحالِ إلى مكةَ (٢).
ولما قام الأميرُ محمدٌ الصنعاني (ت: ١١٨٢ هـ) على معاصريه - ولا سيما علماء الزيدية - وحاربَ التمذهبَ والتقليدَ الأعمى الذي وقع فيه أهلُ قطرِه، قام عليه كثيرٌ منهم، يقول الشيخُ محمدٌ الشوكاني عن الأميرِ الصنعاني:"تظهّرَ بالاجتهادِ، وعَمِلَ بالأدلةِ، ونفَرَ عن التقليدِ، وزيّف ما لا دليلَ عليه مِن الآراءِ الفقهيةِ، وجرتْ له مع أهلِ عصرِه خطوبٌ ومحنٌ"(٣).
والشوكانيُّ نفسُه صَنَعَ مثلما صَنَعَ الأميرُ الصنعاني، يقول الشوكاني عن نفسِه إنَّه:"تَرَكَ التقليدَ، واجتهدَ رأيَه اجتهادًا مطلقًا غيرَ مقيّدٍ، وهو قبل الثلاثين"(٤)، ولم يسلمْ مِنْ علماءِ قُطرِه، وأوذي بسببِ دعواه (٥).
وإنْ كانتْ محاربةُ مدّعي الاجتهاد القادر عليه - أو محارب التقليد الأعمى - مرفوضةً، فإن ممَّا يزيدُ في محاربةِ كثيرٍ مِنْ مدّعي الاجتهاد ما