المحرمِ، وذهبوا إلى أنَّ المُحْرِمَ إذا ماتَ فإنَه يُغَظَى رأسُه ووجهُه (١).
وقد علَّقَ ابنُ حزمٍ على هذا قائلًا:"فكانَ هذا عجبًا جدًّا؛ خالفوه - أي: الحديث - في نصِّ ما فيه، فقالوا: المُحْرِمُ إذا ماتَ وَجَبَ أنْ يُغَطَّى وجهُه ورأسُه ... "(٢).
ويقولُ الشيخُ محمد ناصر الدين الألباني:"يجبُ على الحنفيةِ أنْ يأخذوا بالحديثِ، ولا يتأولوه بالتأويلِ البعيدِ؛ توفيقًا بينه وبين مذهبِ إمامِهم! "(٣).
* * *
= وقد اختلف علماءُ الحديث في قبول لفظة: (وجهه): يقول الحاكم في: معرفة علوم الحديث (ص/ ٤٣٨): "ذكر الوجه تصحيف من الرواة؛ لاجتماع الثقات والأثبات من أصحاب عمرو بن دينار على روايته عنه: (ولا تغطوا رأسه)، وهو المحفوظ". وانظر: نصب الراية للزيلعي (٣/ ٢٨)، والدراية في تخريج أحاديث الهداية لابن حجر (٢/ ١١). ويقول البيهقيُّ في: السنن الكبرى (٣/ ٣٩٣) عن رواية مسلم: "رواه مسلم في: الصحيح عن عبد بن حميد عن عبيد الله بن موسى هكذا، وهو وَهْمٌ من بعض رواته في المتن والإسناد جميعًا". ويقول الألبانيُّ في إرواء الغليل (٤/ ٢٠٠): "وجملة القول: أنَّ زيادة الوجه في الحديث ثابتةٌ محفوظةٌ عن سعيد بن جبير من طرقٍ عنه". وأخرج الحديث بلفظ: (لا تخمروا رأسه): البخاريُّ في: صحيحه، كتاب: الجنائز، باب: الكفن في ثوبين (ص/ ٢٤٧)، برقم (١٢٦٥)؛ ومسلمٌ في: صحيحه، كتاب: الحج، باب: ما يُفعل بالمحرم إذا مات (١/ ٥٤٤)، برقم (١٢٠٦). (١) يقول أبو البركات النسفي في: كنز الدقائق (٢/ ٣٤٩) مع البحر الرائق: "اعلم أن أئمتنا استدلوا بهذا الحديث على حرمة تغطية الوجه على المحرم الحي المفهوم من التعليل، ولم يعملوا بمنطوقه في حق الميت المحرم". (٢) الإعراب عن الحيرة والالتباس (١/ ٣٩٣). وانظر: إعلام الموقعين (٣/ ٤٩٩)، وإيقاظ همم أولي الأبصار للفلاني (ص/ ٣٢٩) ط/ دار الفتح. (٣) إرواء الغليل (٤/ ٢٠٠).