الاجتهاد الجزئي في بعضِ المسائلِ، فله أحكامُ المجتهدين في الشريعةِ.
الحالة الثانية: أنْ تكونَ المسألةُ بعد رجوعِ الإمامِ عن قولِه خلافيةً.
إذا قال إمامُ المذهبِ قولًا ما في مسألةٍ خلافيةٍ، ووافقه بعضُ المجتهدين، ثمَّ رَجَعَ إمامُ المذهبِ عن قوْلِه، وبقي مَنْ عداه مِن المجتهدين على أقوالِهم، فهل يجوزُ للمتَمذهبِ في هذه الحالةِ أخذُ قولِ إمامِه المرجوعِ عنه؟
بتأمَّل الحالةِ الثانيةِ، ظَهَرَ لي التفصيلُ الآتي:
أولًا: إذا كانَ أَخْذُ المتمذهبِ لقولِ إمامِه المرجوعِ عنه؛ لرجحانِه عنده: فالذي يظهرُ لي هو جوازُ أَخْذِه، إنْ لم أقل بوجوبه (١)؛ لأنَّ أَخْذَ المتمذهبِ للقولِ في هذه الحالة غيرُ مقصودٍ؛ لأنَّه أَخَذَه لرجحانِه، فوافقَ قولَ إمامِه المرجوعَ عنه تبَعًا (٢).
يقولُ الشريفُ التلمساني عن الأخذِ بقولِ الإمامِ مالكٍ المرجوع عنه:"إنْ كانَ مرجوعًا عنه عنده - أي: عند الإمام مالك - فنحنُ نَأخُذُ به مِنْ حيثُ دليلُه.
وأيضًا: غالبُ أقوالِ مالكٍ المنقولةِ عنه قد قالَ بها أصحابُه، فليُعملْ بها مِنْ حيثُ اجتهادُهم" (٣).
ويدلُّ على جواز الأخذِ بالقول المرجوع عنه في هذه الحالة: أنَّ غالبَ المذاهبِ قد أَخَذَ متمذهبوها بقولٍ لإمامِهم ثَبَتَ رجوعُه عنه؛ لمقتضٍ للأخذِ (٤).