الدليل الثاني: يقولُ إبراهيمُ النخعي عن الصحابةِ - رضي الله عنهم -: (لو رأيتهم يتوضؤون إلى الكوعين ما تجاورتهما، وأنا أقرأُ:{إِلَى الْمَرَافِقِ} (٢)) (٣).
وجه الدلالة: بيَّنَ إبراهيمُ النخعي أنَّه سيعملُ بقولِ مَنْ أدرك مِن الصحابةِ - رضي الله عنهم -، وإنْ خالفوا نصَّ القرآنِ الكريمِ، وإذا جازَ هذا لإبراهيمَ، فمَنْ عداه كذلك.
مناقشة الدليل الثاني، نوقش الدليل من ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: أنَّ الأثرَ المذكور في دليلِكم غير ثابتٍ عن إبراهيمَ النخعي، يقولُ ابنُ حزمٍ:"هذا كذبٌ على إبراهيمَ"(٤).
الوجه الثاني: لو صحَّ هذا الأثرُ عن إبراهيمَ النخعي، لكان خطأً عظيمًا منه، وليس إبراهيمُ معصومًا عن الخطأِ (٥).
الوجه الثالث: عارضَ الأثرَ الذي ذكرتموه عن إبراهيمَ النخعي آثارٌ صحيحةٌ جاءتْ عن إبراهيمَ نفسِه، فتكون هي المقدَّمة؛ لصحتها (٦)، مِنْ ذلك:
• قولُ إبراهيم:(لا طاعةَ مفترضة إلا لنبي)(٧).
(١) انظر: الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم (٦/ ١٠٤ - ١٠٥). (٢) من الآية (٦) من سورة النساء. (٣) انظر: الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم (٦/ ١٠٧). ولم أقف على أثر إبراهيم النخعي مسندًا - فيما رجعتُ إليه من مصادر - وقد ذكر ابنُ حزم في: الإحكام في أصول الأحكام (٦/ ١٠٧) أنَّ في سنده أبا حمزة ميمون الأعور القصاب، وقال عنه: "ساقط جدًّا غير ثقةٍ". وقد ذكر أثر إبراهيم بنحو اللفظ السابق دون إسناد: ابنُ أبي زيد القيرواني في: الجامع في السنن والآداب (ص/ ١٥٠)، وابنُ القيم في: إعلام الموقعين (٦/ ٢٧). (٤) الإحكام في أصول الأحكام (٦/ ١٠٧). (٥) انظر: المصدر السابق. (٦) انظر: المصدر السابق (٦/ ١٠٧ - ١٠٨). (٧) أخرج قول إبراهيم: ابنُ حزم في: الإحكام في أصول الأحكام (٦/ ١٠٧ - ١٠٨)، وصححه. وذكر السيوطي في: الدر المنثور (١/ ٦١٧) أنَّ عبد بن حميد أخرجه.