وقوله: {قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (٧٨)} يعني فُتاتًا رُفاتًا بالِيةً، يقال: رَمَّ العَظْمُ: إذا بَلِيَ، والرُّمّةُ: الحَبْلُ البالِي، والرَّمْرامُ: الحَصَى الصِّغارُ (٢)، وإنما لَمْ يقل: رَمِيمة لأنه معدولٌ عن فاعلةٍ، وكُلُّ ما كان معدولًا عن وَجْهِهِ وَوَزْنِهِ كان مصروفًا عن فاعِلةٍ إلى فَعِيلٍ، كقوله تعالى:{وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا}(٣) أسقط الهاء لأنها مصروفةٌ عن باغيةٍ (٤)، وقيل (٥): {رَمِيمٌ} بمعنى مرمومٍ، ككَفٍّ خَضِيبٍ؛ أي: مَخْضُوبٍ، ومحلُّ {مَنْ} رفعٌ بالابتداء.
قوله تعالى:{قُلْ} يا محمَّدُ {يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا} ابتدأها وخلقَها {أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ} من الابتداء والإعادة {عَلِيمٌ}، ونصب {أَوَّلَ مَرَّةٍ} لأنه اسمٌ أُقِيمَ مُقامَ المصدر.
ثم زاد في البيان، وأخبر عن عجيب صنعه، فقال تعالى: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ (٨٠)} يعني: الذي جمع بين الشيء وضِدِّهِ قادِرٌ على البعث؛ لأنّ النار تأكل الحطب، وَلَمْ يقل: الخُضْرَ،
(١) ينظر: تفسير عبد الرزاق ٣/ ١٤٦، جامع البيان ٢٣/ ٣٨، الكشف والبيان ٨/ ١٣٧، أسباب النزول ص ٢٤٦، الدر المنثور ٥/ ٢٦٩. (٢) ينظر: عين المعانِي ورقة ١١١/ أ. (٣) مريم ٢٨. (٤) يعني أنه "فَعِيل" بمعنى "فاعِلٍ"، ينظر: التبيان للعكبري ص ١٠٨٦، الفريد للهمداني ٤/ ١٢١، الدر المصون ٥/ ٤٩٣. (٥) يعني أنه "فَعِيلٌ" بمعنى "مفعول"، ينظر: التبيان للعكبري ص ١٠٨٦، الدر المصون ٥/ ٤٩٣.