ظهورَهُمْ، {وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولًا} يُسْألُونَ عنه فِي الآخرة، والعهد لا يُسْألُ، وإنما يُسْألُ ناقضُ العهد؛ أي: مُطالَبًا به، من قولهم: سألت فلانًا حَقِّي؛ أي: طالبته به.
قوله تعالى:{قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ} الذي كُتِبَ عليكم {وَإِذًا لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلًا}؛ أي: لا تُمَتَّعُونَ بعد الفرار فِي الدنيا إلى مدة آجالكم إلّا قليلًا، والدنيا كلها قليلٌ.
ورفع {تُمَتَّعُونَ} لاعتراض {إِلَّا} بينه وبين "إذَنْ"، و"إذَنْ" إذا كانت مبتدأةً لا يجوز إلغاؤها، تقول: إذَنْ أُكْرِمَكَ، وإذا كان قبلها واوٌ أو فاءٌ نحو: فَإذَنْ أُكْرِمَكَ أو: وَإذَنْ أُكْرِمُكَ، جاز الرفع والنصب، وإذا وقعت بين اسمٍ وفعلٍ لا يستغني أحدهما عن الآخر تُلْغَى نحو: أنا إذَنْ أُكْرِمُكَ، والكل جواب: سآتيك (١)، هكذا ذكره صاحب إنسان العين (٢)، ومثله:{لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا}(٣)، {فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا}(٤) وقد ذُكِرَ.
ونصب {قَلِيلًا} على الاستثناء، وهو نعت لمصدر محذوف تقديره: إلا متاعًا قليلًا.
قوله تعالى:{قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ}؛ أي: المُثَبِّطِينَ للناس عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، يقال: عاقَهُ واعْتاقَهُ وعَوَّقَهُ: إذا صرفه عن الوجه الذي يريده، {وَالْقَائِلِينَ}؛
(١) ينظر: الكتاب: باب "إذَنْ" ٣/ ١٢؛ ١٦، معاني القرآن للفراء ٢/ ٣٣٧، المقتضب ٢/ ١٠؛ ١٢، إعراب القرآن ٣/ ٣٠٧، مغني اللبيب ص ٣٠؛ ٣٢، وغيرها. (٢) لَمْ أقف عليه في عين المعانِي. (٣) الإسراء ٧٦، وهي في القسم المفقود من هذا الكتاب. (٤) النساء ٥٣، وهي في القسم المفقود من هذا الكتاب.