وعن بلالٍ، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "عليكم بقيام الليل، فإنه دَأَبُ الصالحين قبلَكم، وإن قيام الليل قُرْبةٌ إلى اللَّه، ومَنْهاةٌ عن الإثم، وتكفيرٌ للسيئات، ومَطْرَدةٌ للداء عن الجسد"(١).
قوله تعالى:{فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ}؛ أي: لا يعلم أَحَدٌ ما خُبِّئَ لهؤلاء الذين ذكرهم من النعمة والكرامة والإحسان مما تقَرَّ به أعينهم وتُسرُّ به قلوبهم {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٧)} للَّه تعالى فِي الدنيا.
ونصب {جَزَاءً}: على المصدر (٢)، وقيل (٣): على الحال، أي: أَخْفَى مُجازِيًا، وقيل (٤): على المفعول من أجله، قرأ حمزة ويعقوب:{مَا أُخْفِيَ لَهُمْ} مرسلةَ الياء، يعني: ساكنة الياء؛ أي: أنا أخفي لهم، وحجتهما قراءة عبد اللَّه:{أُخْفِيَ لَهُمْ} بالنون، وقرأ محمد بن كعب:"ما أَخْفَى لَهُمْ" بفتح الألف والفاء (٥)، يعني: أَخْفَى اللَّهُ لَهُمْ، وقرأ العامة:{مَا أُخْفِيَ لَهُمْ} بتحريك الياء، أي: خُبِّئَ وسُتِرَ عليهم، فلم يُطْلِعْ على كُنْهِ ما أُعِدَّ لهم أَحَدًا من خلقه.
(١) رواه الترمذي في سننه ٥/ ٢١٢، ٢١٣ أبواب التهجد، والبيهقي في السنن الكبرى ٢/ ٥٠٢ كتاب الصلاة: باب الترغيب في قيام الليل، والحاكم في المستدرك ١/ ٣٠٨ كتاب صلاة التطوع: تحريض قيام الليل. (٢) قاله النَّحاس في إعراب القرآن ٣/ ٢٩٦، وينظر: التبيان للعكبري ص ١٠٤٩، الفريد ٤/ ٢٥. (٣) قاله السجاوندي في عين المعاني ١٠٢/ أ. (٤) قاله الزَّجّاج والنَّحاس، ينظر: معاني القرآن وإعرابه ٤/ ٢٠٨، إعراب القرآن ٣/ ٢٩٦، وينظر أيضًا: الفريد ٤/ ٢٥. (٥) قرأ بفتح الهمزة والفاء أيضًا ابنُ محيصن والأعمش والشَّنَبُوذِيُّ، ينظر في هذه القراءات: السبعة ص ٥١٦، حجة القراءات ص ٥٦٩، تفسير القرطبي ١٤/ ١٠٣، البحر المحيط ٧/ ١٩٧، الإتحاف ٢/ ٣٦٧.