وقوله:{بِأَكْوَابٍ} جمع كُوبٍ، وهي الأقداح المستديرة الأفْواهِ، لا آذانَ لها ولا عُرًى {وَأَبَارِيقَ} جمع إبْرِيقٍ، وهي ذات الخراطيم، سُمِّيَتْ بذلك لِبَرِيقِ لونها من صفائها، ولَمْ ينصرف "أبارِيقَ"؛ لأنه جمع لا نظير له في الواحد (١) {وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (١٨)}؛ أي: خمر جارية، والكأس: الخمر، والمعين: الجاري.
قال الضحاك (٢): كل كَأْسٍ فِي القرآن فهي الخَمْرُ، وقوله:"مِنْ مَعِينٍ" قال قتادة (٣): يعني: من خَمْرٍ تُرَى بالعُيُونِ، وقيل (٤): تَجْرِي من العيون.
قوله: {لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ (١٩)} يعني: لا تُصَدَّعُ رُؤُوسهُمْ من شربها، ولا تَذْهَبُ عُقُولُهُمْ؛ أي: لا يَسْكَرُونَ كَفِعْلِ خَمْرِ أهْلِ الدنيا إذا شَرْبُوها، فهي كما قال اللَّه تعالى:{لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ}(٥)، وقرأ الكوفيون:{وَلَا يُنْزِفُونَ}(٦) بكسر الزاي، والمعنى: لا تَفْنَى خَمْرُهُمْ.
= ٣/ ٢٢٠، ٥/ ٢٩٤، والمعجم الكبير ٧/ ٢٤٤، وينظر: مسند أبِي يعلى ٧/ ١٣١، مجمع الزوائد ٧/ ٢١٩ كتاب القَدَرِ: باب فِي أولاد المشركين. (١) قاله النحاس في إعراب القرآن ٤/ ٣٢٥ - ٣٢٦، وقال الجوهوي: "والإبْرِيقُ: واحد الأباريق، فارسي معرب". الصحاح ٤/ ١٤٤٩، وينظر: المحكم والمحيط الأعظم ٥/ ٢٤٥، المعرب للجواليقي ص ٢٣، ٢٦٥، زاد المسير ٨/ ١٣٦. (٢) ينظر قوله في جامع البيان ٢٣/ ٦٣، إعراب القرآن للنحاس ٤/ ٣٢٦، تفسير القرطبي ١٥/ ٧٧. (٣) ينظر قوله في إعراب القرآن للنحاس ٤/ ٣٢٦. (٤) قاله الزجاج في معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ١١٠، وينظر: تفسير القرطبي ١٧/ ٢٠٣. (٥) الصافات ٤٦، ومحمد ١٥. (٦) قرأ ابن مسعود وعاصم وحمزة والكسائي وخلف وابن أبي إسحاق والسلمي والأعمش وطلحة وعيسى ابن عمر: "يُنْزِفُونَ" بكسر الزاي، وقرأ الباقون بفتح الزاي، ينظر: القرطبي ١٧/ ٢٠٣، البحر المحيط ٨/ ٢٠٥، النشر ٢/ ٣٥٧، الإتحاف ٢/ ٥١٥، وينظر: ما سبق في سورة الصافات الآية ٤٧، ٢/ ٢٦٥.