وذكر الخطيب: (أن المأمون قال ليحيى بن أكثم المذكور: من الذي يقول: [من المنسرح]
قاض يرى الحد في الزناء ولا ... يرى على من يلوط من باس
قال: يقوله يا أمير المؤمنين أحمد بن أبي نعيم الذي يقول:
لا أحسب الجور ينقضي وعلى ال ... أمة وال من آل عباس
فأفحم المأمون خجلا وقال: ينبغي أن ينفى أحمد بن أبي نعيم إلى السند) (١).
وهذان البيتان من جملة أبيات له يقول فيها:
لا أفلحت أمة وحق لها ... بطول نكس وطول إتعاس
ترضى بيحيى يكون سائسها ... وليس يحيى لها بسواس
قاض يرى الحد ....
ومما يناسب الجواب المذكور: أن ثقة الدولة بلغه شيء عن الشاعر عبد الله بن إبراهيم المعروف بابن المؤدب، فلم يزل في طلبه حتى ظفر به، فقال له: ما الذي بلغني عنك؟ قال: المحال، أيد الله الأمير، قال: من هو الذي يقول في شعره: [من الكامل]
فالحر ممتحن بأولاد الزنا
فقال هو الذي يقول:
وعداوة الشعراء بئس المقتنى
والمصراعان عجزا بيتين من قصيدة للمتنبي يمدح بها ابن عمار، وصدر الأول منهما:
وانه المشير عليك فيّ بضلّة ... فالحر ممتحن بأولاد الزنا
وصدر الثاني:
ومكائد السفهاء واقعة بهم ... وعداوة الشعراء بئس المقتنى
وذكر الخطيب في «تاريخه»: (أنه ذكر لأحمد ابن حنبل رحمه الله تعالى ما يرمي الناس به يحيى بن أكثم فقال: سبحان الله، سبحان الله! من يقول هذا؟ وأنكر ذلك إنكارا شديدا) (٢)، وكذلك النووي رحمه الله تعالى في «تهذيبه» برأ يحيى من ذلك ونزهه (٣).
(١) «تاريخ بغداد» (١٤/ ٢٠٠).
(٢) «تاريخ بغداد» (١٤/ ٢٠١).
(٣) انظر «تهذيب الأسماء واللغات» (٢/ ١٥٠).