وأما قوله:(وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ)«١» ف «على» من صلة «وتمت» دون «الكلمة» وإن كانت «الكلمة» بمعنى، النعمة، لأنها وصفت بالحسنى، وكما يتعلق «على» ب «حقت» في قوله: (حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ)«٢» وكذا هاهنا. وأما قوله:(فَاجْعَلْ بَيْنَنا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لا نُخْلِفُهُ)«٣» فقد تكلمنا عليه في باب المفعول.
وأما قوله تعالى:(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ)«٤» ، فقد تردد فيه كلامه، فقال مرة: الظرفان صفة للنكرة متعلقان بمحذوف، والشهادة من الله هي شهادة يحملونها ليشهدوا، فهذا كما قال:(فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ)«٥» ، وقال في موضع آخر: لا يتجه أن يتعلق «من» ب «كتم» لأن الله لا يكتم شيئاً.
فإن قلت: فقد جاء (وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً)«٦» فإنه يجوز أن يكون التقدير: إن أحوالهم ظاهرة وإن كتموها. كما قال:(لا يَخْفى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ)«٧» ، فإذا لم يتعلق بكتم «تعلق بالشهادة» ، وتعلقه به على وجوه.
فإن جعلت قوله «عنده» صفة للشهادة لم يجز أن يكون «من الله» متعلقا ب «شهادة» لأنه فصل بين الصلة والموصول، وكما انك لو عطفت عليه كان كذلك.
ويجوز أن تنصب «عند» لتعلقه ب «شهادة» . فإذا فعلت ذلك لم يتعلق ب «من الله» ، لأنه لا يتعلق به ظرفان.
وإن جعلت «عنده» صفة أمكن أن يكون «من الله» حالا عمّا فى «عنده» ،