ومن ذلك قوله تعالى:(قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ)«١» ، فقال:«تأمروني» لغو، كقولك: هذا يقول ذاك بلغني، ف «بلغني» لغو، وكذلك «تأمروني» كأنه قال: فيما تأمروني وكأنه قال: فيما بلغني، وإن شئت كان بمنزلة:
ألا أيهذا الزاجري أحضر الوغى «٢»
قال «س»«٣» : «غير» منصوب ب «أعبد» على القول الأول، وعلى القول الثاني ب «تأمرونى» .
ولا يجوز انتصابه ب «أعبد» لأن «أعبد» فى صلة «أن» و «غير» قبله، ولا يعمل ما في الصلة فيما قبل الموصول.
«فا»«٤» : يؤكد أنهم يراعون الحال الأولى، بعد حذف «أن» ما روى أبو عثمان المارنى عن قطرب: «أحضر الوغى» بنصب «أحضر» .
قال أبو سعيد «٥» : أجود ما يقال فيه ما ذكره سيبويه عن الخليل، وهو نصب «غير»«بأعبد» ، و «تأمرونى» غير عامل، كما تقول: هو يقول ذلك فيما بلغني، وزيد قائم ظننت، كأنك قلت: هو يقول ذاك فيما بلغني، وزيد قائم فيما ظننت.
قال: وقال سيبويه: «وإن شئت كان بمنزلة:
ألا أيهذا الزاجري أحضر الوغى
وهو ضعيف لأنه [يؤدي إلى أن] «٦» يقرر «أعبد» بمعنى: عابداً غير الله، وفيه فساد.
(١) الزمر: ٦٤. (٢) صدر بيت لطرفة بن العبد، وعجزه: وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي (٣) يريد: «سيبويه» . (الكتاب ١: ٤٥٢) . (٤) يريد: «الفارسي أبا علي» . (٥) هو: أبو سعيد السيرافي الحسن بن عبد الله (٣٦٨ هـ) . (٦) التكملة من شرح السيرافي بهامش الكتاب لسيبويه (١: ٤٥٢) .