على أنه أقام الصفة مقام الموصوف، كأنه: نعم الرجل رجل يقوم، فحذف «رجلا» المقصود بالمدح أو الذمِ.
قال أبو بكر: هذا عندي لا يجوز، لأن إقامة الصفة مقام الموصوف، إذا كانت الصفة فعلاً، غير مستحسن.
قال: فإذا كان كذلك وجب ألا يجوز إذا لم يكن اسماً، إذ الاسم الموافق للمحذوف في أنه مثله اسم، لذلك، غير مستحسن فيه، فإن «١» هذا الذي ذكره حسن.
فإن قيل: قد جاء (وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ)«٢» ، (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ)«٣» .
[وقول الشاعر]«٤» :
وما منهما قد مات حتى رأيته
[وقوله]«٥»
وما الدهر إلا تارتان فمنهما ... أموت وأخرى أبتغى العيش أكدح «٦»
والتقدير: تارة منهما أموت وتارة منهما أكدح، ونحو هذا. فحذف الموصوف في هذه الأشياء.
قيل: إنما جاز الحذف في قوله: (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ)«٧» لأنه مبتدأ غير موصوف، إنما هو محذوف من قوله: وإنَّ من أهل الكتاب أحد إلا ليؤمنن به. فهذا خبر محذوف على هذا التقدير، والمبتدأ حذفه سائغ.