ويستحب إنذارهم إذا كان في ذلك مصلحة للمسلمين (١) لحديث سهل بن سعد رضي الله عنه وفيه: (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعلي رضي الله عنه حين أعطاه الراية يوم خيبر: انفذ على رسلك حتى تتنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه)(٢) .
وجه الدلالة من الحديث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمره أن يدعهم إلى الإسلام، مع أن الدعوة قد بلغتهم، فدل ذلك على الاستحباب، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أغار على بني المصطلق وقد بلغتهم الدعوة ولم يدعهم (٣) .
وذهب المالكية في المشهور عنهم (٤) أنه لا يجوز قتالهم دون إنذار واستدلوا بما يلي:
١- حديث بريدة رضي الله عنه السابق ذكره (٥) .
وجه الدلالة منه: أنه أمر - صلى الله عليه وسلم - بدعوة المشركين قبل قتالهم دون أن يفرق بين من بلغته الدعوة ومن لم تبلغه.
٢- حديث سهل بن سعد في غزوة خيبر وقد سبق ذكره (٦) .
وجه الدلالة منه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أمر عليا رضي الله عنه أن يدعوهم إلى الإسلام قبل قتالهم، وقد بلغتهم الدعوة، فدل على عدم جواز قتالهم قبل الدعوة مطلقا.
ويمكن مناقشة استدلالهم بما يلي:
١- حديث بريدة رضي الله عنه محمول على دعوة من لم تبلغه الدعوة الإسلامية دون من بلغته.
٢- أما حديث سهل بن سعد في غزوة خيبر فهو محمول على الاستحباب لأن الدعوة بلغتهم بدليل (أنه - صلى الله عليه وسلم - أغار على بني المصطلق وهم غارون)(٧) .
(١) فتح الباري شرح صحيح البخاري (٧/٦٠٧) . (٢) سبق تخريجه. (٣) فتح الباري شرح صحيح البخاري (٧/٦٠٧) . (٤) حاشية الدسوقي (٢/١٧٦) والشرح الكبير بهامش حاشية الدسوقي (٢/١٧٦) والمعونة (١/٦٠٤) . (٥) سبق تخريجه. (٦) سبق تخريجه. (٧) سبق تخريجه.