القول الأول: لا يجب دعوتهم إلى الإسلام وقد بلغتهم الدعوة وإنما يستحب ذلك، إلا إذا علم أنهم بالدعوة يستعدون ويتحصنون فلا يدعون.
قال في فتح القدير:(ما لم يعلم أنهم بالدعوة يستعدون أو يحتالون أو يتحصنون..)(١) . وإن غاروا عليهم دون دعوة جاز ذلك.
وهذا قول جمهور الفقهاء (٢) .
واستدلوا بما يلي:
١- عن ابن عمر رضي الله عنهما (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أغار على بني المصطلق (٣) وهم غارون وأنعامهم تسقي على الماء فقتل مقاتلهم وسبي ذراريهم وأصاب يومئذ جويرية (٤)) (٥) .
٢- عن سهل بن سعد رضي الله عنه (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعلي رضي الله عنه حين أعطاه الراية يوم خيبر (٦) انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه..) (٧) .
(١) فتح القدير (٥/١٩٦) . (٢) المبسوط (١٠/٦) والكفي في فقه أهل المدينة (١/٤٦٦) وروضة الطالبين (١٠/٢٣٩) والمغني (١٣/٣٠) وكشاف القناع (٢/٣٦٩) . (٣) بطن شهير من خزاعة وهو المصطلق بن سعيد بن عمرو بن ربيعة، وقيل: المصطلق لقب انظر: سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب ص ١٩٢ وفتح الباري (٥/٢١٤) . (٤) هي: جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار بن حبيب الخزاعية المصطلقية، وقعت في السبي يوم غزا النبي - صلى الله عليه وسلم - بني المصطلق فأعتقها وتزوجها - صلى الله عليه وسلم - ماتت سنة (٥٠هـ) وقيل: ٥٦ هـ انظر: الإصابة (٨/٧٢) ت رقم (١١٠٠٨) وتهذيب التهذيب (١٢/٤٣٦) ت رقم ... (٢٧٥٤) . (٥) صحيح البخاري مع الفتح، كتاب العتق، باب من ملك من العرب رقيقا، ح رقم ... (٢٥٤١) ، ومسلم بشرح النووي، كتاب الجهاد والسير، باب جواز الإغارة على الكفار الذين بلغتهم الدعوة ح رقم (١٧٣٠) . (٦) خيبر مدينة كبيرة ذات حصون ومزارع على ثمانية برد من المدينة إلى جهة الشام انظر: معجم ما استعجم من أسماء البلاد والمواضع (٢/١٤٦) وفتح الباري (٧/٥٨٩) . (٧) البخاري مع الفتح، كتاب المغازي باب غزوة خيبر ح رقم (٤٢٠٩) .