وهذه أمثال حسان مضروبة (١) للمعطِّل والمشبِّه والموحِّد ذكرتُها (٢) قبل الشروع في المقصود، فإن ضربَ الأمثال مما يأنس به العقلُ لتقريبها المعقول من المشهود (٣).
وقد قال تعالى (٤) - وكلامه المشتمل على أعظم الحجج وقواطع البراهين- {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ (٤٣)} [العنكبوت: ٤٣]. وقد اشتمل منها على بضعة وأربعين مثلًا، وكان بعض السلف إذا قرأ مثلًا لم (٥) يفهمه اشتدّ (٦) بكاؤه، ويقول: لست من العالمين (٧). وسنفرد لها إن شاء الله كتابًا مستقلاًّ متضمنًّا لأسرارها ومعانيها وما تضمنته من فنون (٨) العلم وحقائق الإيمان.
(١) ف: "مضروبة حسان". (٢) طه: "ذكرناها". (٣) المعقول: هو الأمر المتصور بالعقل والذهن، والمشهود: هو المائل المشاهد بالعين. (٤) ف: "الله". (٥) ف: "ولم يفهمه". (٦) ما عدا الأصل: "يشتد". (٧) ومن ذلك ما رواه ابن أبي حاتم بسنده عن عمرو بن مرة قال: ما مررت بآية من كتاب الله لا أعرفها إلا أحزنني لأني سمعت الله يقول: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ (٤٣)} [العنكبوت: ٤٣]. ذكره ابن كثير في التفسير ٣/ ٤١٤، والسيوطي في الدر المنثور ٥/ ٢٧٨. (٨) ف: "مكنون". وفي غيرهما: "كنوز".