ثلاث ليال يتسوَّقون بها، ويقضون حوائجهم، ولا يقيم أحد منهم فوق ثلاث ليال» (١) قالوا: دلَّ الأثر على أن الثلاث حدُّ السفر وما فوقها حد الإقامة، فأجيب: بأنه لا يدل على حدِّ السفر بثلاث، كما بينَّا في الذي قبله.
٤ - أن ضيافة المسافر ثلاثة أيام، فإذا زاد اعتبر مقيمًا!! وأجيب: بأنه لا يدلُّ على أقل مدة للإقامة كما هو واضح.
[ب] إذا نوى الإقامة خمسة عشر يومًا لم يقصر: وهو مذهب أبي حنيفة والثور والمزني (٢) واستدلوا بما يأتي:
١ - حديث أنس قال:«خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة فكان يصلي ركعتين ركعتين حتى رجعنا إلى المدينة» قيل له: أقمتم بمكة شيئًا؟ قال:«أقمنا بها عشرًا»(٣).
وفي لفظ «أقمنا مع النبي صلى الله عليه وسلم عشرة أيام نقصر الصلاة» ويجاب عنه: بمثل ما تقدم في حديث جابر وابن عباس.
٢ - وعن ابن عباس قال:«أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة عام الفتح خمس عشرة يقصر الصلاة»(٤).
٣ - ما جاء عن ابن عباس وابن عمر أنهما قالا:«إذا قدمت بلدة وأنت مسافر وفي نفسك أن تقيم خمسة عشر يومًا أكمل الصلاة بها، وإن كنت لا تدري متى تظعن فاقصرها»(٥).
قالوا: هذا التحديد لا يقال من قبل الرأي فله حكم الرفع!! وأجيب: بأنه قول صحابي قد خالفه غيره فلا يكون حجة، ثم إن الثابت عن ابن عباس وابن عمر خلافه:
(١) إسناده ثقات: أخرجه البيهقي (٣/ ١٤٧ - ٩/ ٢٠٩) بسند رجاله ثقات إلا أنهم تكلموا في سماع يحيى بن بكير من مالك. (٢) «البدائع» (١/ ٩٧، ٩٨)، و «الهداية» (١/ ٨١)، و «المجموع» (٤/ ٣٦٤). (٣) صحيح: أخرجه البخاري (١٠٨١)، ومسلم (٦٩٣)، واللفظ الآخر له. (٤) ضعيف بهذا اللفظ: أخرجه أبو داود (١٢٣١)، وابن ماجه (١٠٧٦) وقد صح بلفظ «تسعة عشر» وسيأتي قريبًا. (٥) ذكره الترمذي عن ابن عمر عقب الحديث (٥٤٨) بغير إسناد.