يفعل ذلك): يحتمل أن الإشارة به إلى الفعل الأخير وهو الغسل ... ويحتمل أنها إلى الجميع وهوالأظهر. اهـ.
لكنه قال -رحمه الله- (١): الظاهر أنه أراد: يمسك عن التلبية، وكأنه أراد بالحرم المسجد، والمراد بالإمساك عن التلبية التشاغل بغيرها من الطواف وغيره لا تركها أصلاً، ... ، والظاهر أيضًا أن المراد بالإمساك: ترك تكرار التلبية ومواظبتها ورفع الصوت بها الذي يفعل في أول الإحرام لا ترك التلبية رأسًا، والله أعلم. اهـ.
[محظورات الإحرام]
هي الأمور التي منع الشارع المُحِرْمَ منها، وحرَّمها عليه ما دام محرمًا، وهذه المحظورات على قسمين:
(أ) محظور يُفسد الحج: وهو الجماع قبل التحلل الأول (قبل رمي جمرة العقبة على الأرجح) وهو أشد المحظورات إثمًا وأعظمها تأثيرًا في النسك. قال الله تعالى:{فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ}(٢). وقد صح عن ابن عباس وابن عمر وقتادة أن الرفث في الآية: الجماع (٣) وقيل الرفث: الإفحاش للمرأة في الكلام فيما يتعلق بالجماع وما أشبه ذلك، واختار ابن جرير أنه عام يشمل هذا كله.
قال ابن قدامة (٤): «أما فساد الحج بالجماع في الفرج فليس فيه اختلاف، قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن الحج لا يفسد بإتيان شيء في حال الإحرام إلا الجماع» اهـ.
قلت: ههنا أمور:
الأول: أما الاستدلال بالآية الكريمة، فعلى القول بأن الرفث فيها: الجماع، فإن غاية ما تدل عليه المنع لا أنه يفسد الحج، وإلا لزم في الجدال أنه يفسد الحج ولا قائل بذلك (٥)[غير ابن حزم].
الثاني: ليس في هذه المسألة حديث مسند صحيح مرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(١) السابق (٣/ ٤٨٣). (٢) سورة البقرة: ١٩٧. (٣) انظر هذه الآثار في «تفسير الطبري» (٤/ ١٢٥ - ١٣٦) بأسانيد صحيحة. (٤) «المغنى» (٣/ ٣٣٤)، و «الإجماع» لابن المنذر (ص ١٤٤). (٥) «الروضة الندية» (١/ ٢٥٤).