بينما ذهب جمهور العلماء ومعهم ابن مسعود وابن عباس من الصحابة إلى أن غسل الجمعة مستحب وليس بواجب، ومن أهم ما استدلوا به:
١ - حديث سمرة بن جندب مرفوعًا:«من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل»(١) وهذا أصرح ما استدلوا به لكنه ضعيف على الراجح.
٢ - حديث أبي هريرة مرفوعًا:«من توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت، غفر له ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة أيام ...»(٢) قالوا: لو كان الغسل للجمعة واجبًا لما اقتصر النبي صلى الله عليه وسلم على ذكر الوضوء.
وقد أجاب عنه الحافظ في «الفتح»(٢/ ٤٢٢) فقال: «ليس فيه نفي الغسل، وقد ورد من وجه آخر في الصحيح بلفظ: «من اغتسل» فيحتمل أن يكون ذكر الوضوء لمن تقدم غسله على الذهاب، فاحتاج إلى إعادة الوضوء» اهـ.
قلت: ولهم أدلة أخرى استقصيتها وناقشتها دليلاً دليلاً في كتابي «اللمعة في آداب وأحكام الجمعة» وخلاصة المسألة أن أدلة الموجبين أصح سندًا وأقوى دلالة وأحوط عملاً، والله أعلم.
[٧] الموت: وهو من أسباب وجوب الغُسل لكن ليس على الميت وإنما على من حضره من المسلمين، وسيأتي تفصيله في موضعه من «كتاب الجنائز» إن شاء الله.
الأغسال المُسْتَحَبَّة:
١ - الاغتسال للعيدين: وقد ورد عن الفاكه بن سعد: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل يوم الفطر والأضحى»(٣) لكنه ضعيف.
لكن ربما يستدل على استحباب ذلك بأنه ثابت عن علي بن أبي طالب وابن عمر: فعن زادذان أن رجلاً سأل عليًّا رضي الله عنه عن الغسل؟ فقال:«اغتسل كل يوم إن شئت، فقال: لا، الغسل الذي هو الغسل؟ قال: «يوم الجمعة، ويوم عرفة، ويوم النحر، ويوم الفطر»(٤).
(١) ضعيف: أخرجه أبو داود ٣٥٤)، والنسائي (٣/ ٩٤)، والترمذي (٤٩٧)، وغيرهم وله طرق استقصيتها وتكلمت عليها في «اللمعة في آداب وأحكام الجمعة» وقد حسنَّه العلامة الألباني. (٢) إسناده صحيح: أخرجه مسل (٨٥٧)، والترمذي (٤٩٨) وغيرهما. (٣) ضعيف جدًّا: أخرجه ابن ماجه (١٣١٦). (٤) إسناده صحيح: أخرجه الشافعي في «مسنده» (١١٤)، ومن طريقه البيهقي (٣/ ٢٧٨).