وَنَأْخُذُ الجَذَعَةَ وَالثَّنِيَّةَ، وَذَلِكَ عَدْلٌ بَيْنَ غِذَاءِ المَالِ وَخِيَارِهِ» (١)، فوجب بهذا الخبر أن تُؤخذ الجذعة والثنية؛ لأنها وسطٌ من المال، ليس فيها حملٌ على ربّ المال ولا الفقراء.
ولم يجز أن يؤخذ أعلى المال؛ لأنَّ في ذلك حملاً على أرباب المال، ولا الأدنى؛ لأنَّ في ذلك حملاً على الفقراء، لكن يؤخذ الوسط، فقد قال الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ﴾ [النساء:١٣٥].
وقوله:«إنَّهُ يؤخذ من الأكثر الذي عند الإنسان من الضأن والمعز»؛ فلأنَّ القليل تابعٌ للكثير، والحكم هو للأكثر، فوجب أن يأخذ الصدقة من أكثر ما عنده، ضأناً كان أو ماعزاً.
فإن استووا أخذ من أيهما شاء؛ لأنَّهُ ليس هاهنا شيءٌ يتبع صاحبه، أعني: القليل للكثير.