رواه حماد بن زيدٍ، عن يحيى بن سعيدٍ، عن بشير بن يسارٍ، عن سهل بن أبي حَثْمَةَ ورافع بن خديج: أَنَّ مُحَيِّصَةَ وَابْنَ مَسْعُودٍ (١) وَعَبْدَ اللهِ بْنَ سَهْلٍ انْطَلَقَا قِبَلَ خَيْبَرَ، وَتَفَرَّقَا فِي النَّخْلِ، فَقُتِلَ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَهْلٍ، وذكر نحوه، وفيه:«فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ: «يُقْسِمُ خَمْسُونَ مِنْكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ فَيُدْفَعُ بِرُمَّتِهِ»، قَالُوا: أَمْرٌ لَمْ نَشْهَدْهُ، كَيْفَ نَحْلِفُ؟، قَالَ:«فَتُبَرِّئُكُمْ يَهُودُ بِأَيْمَانِ خَمْسِينَ مِنْهُمْ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، قَوْمٌ كُفَّارٌ، قَالَ: فَوَدَاهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ مِنْ قِبَلِهِ (٢).
فلهذا الحديث قال مالك:«إنَّ الأيمان في القسامة خمسون يميناً، وإنَّ الأولياء يبدؤون بالأيمان، وإنَّ المدّعى عليه يقتل إذا أقسم أولياء المقتول عليه».
فإن قيل (٣): كيف يجوز أن يبدأ المدَّعون بالأيمان في القسامة، وقد قال رسول الله صلَّى الله عليه:«البَيِّنَةُ عَلَى المُدَّعِي وَاليَمِينُ عَلَى المُنْكِرِ»(٤)؟
قيل له: إِنَّمَا جاز ذلك؛ لتبدئة النَّبيِّ صلَّى الله عليه إيّاهم لها، على ما ذكرناه في الحديث الصّحيح.
ولأنَّ القسامة أيضاً، لَمَّا كان المدّعى عليهم يحلفون، ثمَّ تكون عليهم
(١) قوله: «محصية وابن مسعود»، كذا في جه، وصوابه: «محيصة بن مسعود»، كما في طرق التخريج. (٢) أخرجه البخاري (٦١٤٢)، ومسلم [٥/ ٩٨]، من طريق حماد بن زيد، به. (٣) ينظر الاعتراض في: بدائع الصنائع [٧/ ٢٨٧]، شرح مختصر الطحاوي للجصاص [٦/ ٣٨]، الهداية مع شرحها العناية [١٠/ ٣٧٤]. (٤) متفق عليه: البخاري (٢٥١٤)، مسلم [٥/ ١٢٨]، وهو في التحفة [٥/ ٤٢].