ومضى شبيب ومن معه حتّى قطعوا جسر المدائن، فدخلوا ديرا هنالك وخالد يقفوهم، فحصرهم فى الدير، فخرجوا عليه، فهزموه نحوا [٣٨٢] من فرسخين فألقى خالد نفسه بفرسه، فمرّ به ولواؤه فى يده.
قال شبيب:
- «قاتله الله فارسا وفرسه. هذا أشدّ الناس، وفرسه أقوى فرس فى الأرض.» فقيل له:
- «هذا خالد بن عتّاب.» فقال:
- «معرق [١] له فى الشجاعة، والله، لو علمت لأقحمت خلفه ولو دخل النار.» وإنّ الحجّاج دخل الكوفة حين انهزم شبيب، ثمّ صعد المنبر، فقال:
- «والله ما قوتل شبيب قطّ قبلها [مثلها][٢] . ولّى هاربا، وترك امرأته يكسّر فى استها القصب.» ثمّ دعا حبيب بن عبد الرحمان الحكمي، فبعثه فى أثره فى ثلاثة آلاف من أهل الشام. وقال له الحجّاج:
- «احذر بياته، وحيث ما لقيته [٣] فنازله، فإن الله قد فلّ حدّه وقصم نابه.» فخرج حبيب فى أثر شبيب حتّى نزل الأنبار.
وبعث الحجّاج إلى العمّال أن:
- «دسّوا إلى أصحاب شبيب: أنّ من جاءنا منكم فهو آمن.» فكان كلّ من ليست له بصيرة ممّن هدّه القتال يجيء فيؤمن. وقبل ذلك ما كان
[١] . معرق: كذا فى الأصل ومط والطبري (٨: ٩٦٨) . وفى حواشيه: معرّق، معرف. [٢] . مثلها: سقطت من الأصل ومط. فزدناها كما فى الطبري ٨: ٩٦٩. [٣] . لقيته: كذا فى الأصل والطبري. وما فى مط: ألفيته.