فلما رأى الناس المصاحف، وسمعوا هذا الكلام، رقّت قلوبهم، وقد كان مسّهم النصب والملال. فقالوا:
- «نجيب إلى كتاب الله.» فلما رأى علىّ الفتور في أصحابه بعد الجدّ، صاح بهم:
- «عباد الله، امضوا على حقّكم، وصدقكم، وقتال عدوّكم. فإنّه معاوية، [٩] وعمرو بن العاص، وابن أبى سرح، والضحّاك بن قيس، ليسوا بأصحاب دين وقرآن. أنا أعرف بهم منكم، وصحبتهم أطفالا ورجالا. ويحكم! والله [١] ، إنهم ما رفعوا المصاحف. إنهم لا يعرفونها، ولا يعلمون ما فيها، وما رفعوها إلّا خديعة ومكيدة حين علوتموهم.» فقالوا:
- «ما يسعنا أن ندعى إلى كتاب الله، فنأبى أن نقبله.» فقال لهم علىّ:
- «ويحكم! فإنّى إنما أقاتلهم ليدينوا بحكم الله، ويعملوا بالقرآن، فإنّهم قد عصوا الله في ما أمرهم، ونبذوا كتابه، ونسوا عهده.»
القرّاء يهدّدون عليّا ويطالبون ترك القتال
فقال له مسعر بن فدكي [٢] ، وزيد بن حصن الطائي، ثم السّنبسىّ [٣] في عصابة معهما من القرّاء الذين صاروا خوارج بعد ذلك:
- «يا علىّ، أجب إلى كتاب الله إذا دعيت إليه، وإلّا دفعناك برمّتك إلى القوم، أو نفعل بك ما فعلنا بابن عفّان. والله، لتفعلنّها، أو لنفعلنّها بك.»
[١] . والله: الواو في «والله» سقطت من مط. [٢] . في مط: معر بن فدلى، والضبط في الطبري (٦: ٣٣٣٠) فدكي. [٣] . في مط: البنسى.