قال يزيد بن هانئ:«أتحبّ أنك قد ظهرت هاهنا وأمير المؤمنين يقتل بمكانه، أو يسلّم إلى عدوّه؟» فقال: «لا والله، سبحان الله!»[١١] قال: «فإنّهم قد قالوا: لترسلنّ إلى الأشتر، فليأتك، أو لنقتلنّك كما قتلنا ابن عفّان.»
[مالك يضع القتال ويقبل، بعد أن رأى النصر]
فأقبل معى الأشتر حتى انتهى إليهم، فقال:
- «يا أهل العراق، يا أهل الذلّ والوهن! أحين علوتم القوم ظفرا، وظنّوا أنّكم [١] لهم قاهرون، رفعوا المصاحف يدعونكم إلى ما فيها؟ وقد- والله- تركوا ما أمر الله به فيها، وسنّه من أنزلت عليه، فلا تجيبوهم، يا قوم، أمهلونى عدو الفرس، فإنّى قد رأيت النصر.» قالوا: «إذا ندخل معك في خطيئتك.» قال: «فحدّثونى عنكم، وقد قتل أماثلكم، وبقي أراذلكم، متى كنتم محقّين؟:
أحين كنتم تقاتلون وخياركم يقتلون؟ فأنتم الآن إذا أمسكتم عن القتال مبطلون، أم الآن أنتم محقّون؟ فقتلاكم الذين لا تنكرون فضلهم وكانوا خيرا منكم، في النار إذا!» قالوا: «دعنا منك يا أشتر، قاتلناهم في الله، وندع قتالهم لله. إنّا لسنا مطيعيك ولا صاحبك [٢] ، فاجتنبنا.» فقال: «خدعتم والله، وانخدعتم، ودعيتم إلى وضع الحرب بعد أن غلبتم، فأجبتم. يا أصحاب الجباه السود، كنّا نظنّ صلاتكم زهادة في الدنيا، وشوقا إلى
[١] . في الأصل: بكم، وما أثبتناه من الطبري (٦: ٣٣٣١) . [٢] . كذا في الأصل، ولعلّه: ولا مطيعي صاحبك. في مط: لسنا بطاعتك ولا صاحبك.