ممّا جرى في غزوات الرسول - صلى الله عليه وسلم - من تدابيره البشرية في غزوة الخندق
فممّا جرى في غزوات رسول الله- صلّى الله عليه- من التدابير البشرية والحيل الإنسانية [١] ما كان منه- عليه السلام- في غزوة الخندق. وذلك أنّ النبي- صلى الله عليه- لمّا أجلى اليهود من بنى النضير عن ديارهم، اجتمع رؤساؤهم، وفيهم سلام بن أبى الحقيق وحيىّ بن أخطب وغيرهما، فقدموا مكّة، ودعوهم إلى حرب رسول الله- صلّى الله عليه- وحزّبوا الأحزاب التي ذكرها الله تعالى وطمعوا في استيصال النبىّ- صلّى الله عليه- فنشطت قريش لذلك، وتذكّروا أحقادهم ببدر، فخرجوا وقائدهم أبو سفيان بن حرب. وخرجت غطفان وقائدهم عيينة بن حصن [٢٧٣] بن حذيفة بن بدر، وبنو فزارة [٢] وغيرهم من الأحزاب.
فأشار سلمان على رسول الله- صلّى الله عليه- لمّا رآه يهمّ بالمقام بالمدينة، ويدبّر [٣] أن يتركهم [٤] حتّى يردوا، ثمّ يحاربهم على المدينة وفي طرقها، أن
[١] . فاستشار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سعد بن معاذ وسعد بن عبادة، فقالا: «شيء تحبّ أن نصنعه، أم شيء أمرك الله به، أم شيء تصنعه لنا؟» قال: «بل [أصنعه] لكم، والله ما أصنع ذلك إلّا أنّى رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة وكالبوكم من كلّ جانب، فأردت أن أكسر عنكم شوكتهم ... » (الطبري ٣: ١٤٧٤، ابن الأثير ٢: ١٨١) . [٢] . مط: بنو قراوة. [٣] . مط: بدو! [٤] . مط: بتركهم!