ولمّا ولى المغيرة بن شعبة الكوفة، أتاها، وترك التشدّد، وإثارة الناس عن أهوائهم، وأحبّ السلامة، واختار الدعة، فكان يرى، فيقال له: فلان بن فلان يرى رأى الشيعة، وفلان يرى رأى الخوارج، فكان يقول:[٤٤]- «قضى الله أن لا تزالوا مختلفين، وسيحكم بين عباده.» فأمنه الناس.
[فكان عاقبة هذا الفعل منه]
أن لقيت الخوارج بعضها بعضا، ورأوا أنّ فى جهاد الناس الفضل والأجر.
ففزعوا [١] إلى رؤسائهم، وتجمّعوا، وتمّت آراؤهم، واجتمع أمرهم، وبايعوا المستورد بن علّفة [٢] ، وكان زياد متحصّنا بفارس، قد عمر قلعة إصطخر. فكان معاوية يكاتبه، ويطالبه بالمال، ويستقدمه، فيأبى.
فأرق معاوية ذات ليلة، فلمّا أصبح، دعا بالمغيرة بن شعبة، فقال له:
- «كيف أنت بسرّ أستودعك؟» فقال: «يا أمير المؤمنين، إن تستودعنى، تستودع ناصحا، شفيقا، ورعا، وثيقا.»
[رأى لمعاوية وتدبير صحيح]
قال:«ذكرت زيادا واعتصامه بأرض فارس، وامتناعه بالقلعة، فلم أنم ليلتي.»
[١] . فى مط: ففرعوا. وما فى الطبري يوافق الأصل: ففزعوا. أى: لجأوا، واستغاثوا. [٢] . فى مط: مستور بن علفة. وضبط اللام فى «علّفة» (الكسر والتشديد) من الطبري (٧: ٢٠) ، وابن الأثير (٣: ٤٢١) . وضبط فى بعض المراجع: «علّفة» بفتح اللام.