- «إنّما أراد نجاتنا، فلم يزد على أن ألقانا في الهلكة.» فردّ الناس، وقطع وضن الهوادج لئلّا تستطيع بكر أن تسوق نساءها إن هربوا [١] ، فسمّى:«مقطّع الوضن [٢] .» فضرب حنظلة على نفسه قبّة ببطحاء ذى قار، وآلى: لا يفرّ حتى تفرّ القبّة.
فمضى من مضى من الناس ورجع أكثرهم، واستقرى [٣] ماء لنصف شهر. فأتتهم العجم، فقاتلتهم بالحنو، فجزعت العجم من العطش، ولم تقم لمحاصرتهم فهربت إلى الجبابات [٤] فتبعتهم [٥] بكر وعجل أوائل بكر، [٢٥٥] فتقدّمت عجل، وأبلت يومئذ بلاء حسنا، واضطمّت عليهم جنود العجم، فقال الناس: هلكت عجل. ثمّ حملت بكر، فوجدت عجلا ثابتة تقاتل، وامرأة تقول:
إن يظفروا يجوّزوا [٦] فينا الغرل [٧] ... إيها [٨] فداء لكم بنى عجل
وتقول أيضا:
إن تهزموا نعانق ... ونفرش النّمارق [٩]
[١] . الأصل غير واضح، وما أثبتناه يؤيده مط والطبري. [٢] . في الطبري (٢: ١٠٣١) : الوضن: حزم الرحال. ويقال: مقطّع البطن. والبطن: حزم الأقتاب. [٣] . مط: واستقى. في الطبري: واستقوا. [٤] . الجبابات: موضع قريب من ذى قار كان بها يوم العرب (مع) . [٥] . مط والطبري: وتبعتهم. [٦] . في الطبري: يحرّزوا. [٧] . الغرل: جمع غرلة: جلدة الصبى التي تقطع في الختان. [٨] . إيها: اسم فعل معناه: لا تحدّث. وقد ترد بمعنى التصديق والرضا بالشيء. إيه: اسم فعل معناه الاستزادة من حديث أو عمل. أو الإسكات والكفّ بمعنى: حسبك. [٩] . النمارق: جمع النمرقة، وهي الوسادة الصغيرة، أو الطنفسة فوق الرحل.