جمع مملكتنا ودولة أحسابنا، كان من ابتعاثه [١] إيّانا ما كان، وبالاعتبار [٢] تتّقى الغير، ومن يخلفنا أوجد للاعتبار، منّا، لما استدبروا من أعاجيب ما أتى علينا.
- «واعلموا أنّ سلطانكم إنّما هو على أجساد الرعيّة، وأنّه لا سلطان للملوك على القلوب. واعلموا أنكم إن غلبتم الناس على ذات [٣] أيديهم، فلن تغلبوهم على عقولهم. واعلموا أنّ العاقل [المحروم][٤] سالّ عليكم لسانه، وهو أقطع سيفيه، وإنّ أشدّ ما يضربكم [٥] به من لسانه، ما صرف الحيلة فيه إلى الدين: فكأنّ بالدين يحتجّ وللدين- فيما يظهر- يغضب، فيكون للدين بكاؤه، وإليه دعاؤه، و [٦] هو أوجد للتابعين والمصدّقين والمناصحين والمؤازرين [١٠٥] منكم. لأنّ بغضة الناس هي موكّلة بالملوك، ومحبّتهم ورحمتهم موكلّة بالضعفاء المغلوبين. وقد كان من قبلنا من الملوك يحتالون لعقول من يحذرون، بتخريبها، فانّ العاقل لا تنفعه [جودة][٧] نحيزته [٨] إذا صيّر عقله خرابا [مواتا][٩] ، وكانوا يحتالون للطاعنين بالدين على الملوك، فيسمّونهم المبتدعين.
فيكون الدين هو الذي يقتلهم ويريح الملوك منهم. ولا ينبغي للملك أن يعترف للعبّاد والنسّاك [والمتبتّلين][١٠] أن يكونوا أولى بالدين، ولا أحدب [١١] عليه، ولا أغضب له منه. ولا ينبغي للملك أن يدع
[١] . غ: ابتعاث الله. [٢] . غ: العثار. [٣] . غ: ما في. [٤] . زيادة من غ. [٥] . غ: ما يضرّكم. [٦] . غ: «ثم» بدل «و» . [٧] . زيادة من غ. [٨] . النحيزة: الطبيعة. [٩] . زيادة من غ. [١٠] . زيادة من غ. [١١] . حدب عليه: عطف.