قالَ المُشرِّحُ: البُكاءُ: يمدُّ ويقصرُ، فإذا مددتَ أردتَ الصَّوتَ الذي يكونُ مع البُكاءِ، وإذا قَصَرْتَ أردتَ الدُّموعَ وخُروجَها قال (١):
بَكَتْ عَيْنِي وحقَّ لها بُكَاهَا … وما يُغْنِي البُكَاءُ ولا العَوِيْلُ
فهذا وقوله: جعلوه كالحُزن بمعنى واحد، والمعنى: أن مَنْ قَصره لم يَجْعَلْهُ صوتًا. في (حاشِيَةِ المُفَصَّل)(٢) البُكاءُ ما كان بصوتٍ والبُكَا -بغيرِ مدٍّ- ما كان بغيرِ صوتٍ. الرِّوَايَةُ: "في الحَزَنِ" قوله: "جعلوه كالحَزَنِ" فتح الحاء والزَّاي.
قال جارُ اللهِ: "والعِلاجُ كالصَّوتِ [نحو: النُّزَاءِ ونظيره القُمَاصُ](٣) ".
قال المُشرح: وقع في الشَّاةِ [نُزَاء](٤) -بالضمِّ- وهو داءٌ يأخذُها فتَنْزُوا منه حتى تَمُوتَ. قَمَصَ الفَرَسُ وغيره يُقْمُصُ يقمِصُ أي: استن، وفي (الصحاح) يقالُ: هذه دابةٌ فيها القُماص ولا تقل قِماص (٥)، وفي المَثَلِ (٦): (ما بالبَعِيْرِ من قُمَاصٍ) يُضرب لمن ذلَّ بعدَ عزٍّ، وهذا لأنَّ العِلاجَ لا يخلو عن صَوْتٍ.
(١) البيت لكعب بن مالك الأنصاري في ديوانه: ٢٥٢. وهو من شواهد الكتاب: ١/ ٣٤، والمقتضب: ٤/ ١٥٢ والمحتسب: ٢/ ٤٣، والإِنصاف: ١٨٧، والخزانة: ١/ ٣٣٩. (٢) لم يرد هذا النَّص في حاشِيةِ المُفصل التي بين يدي، وهي نسخة (ليدن) وأنا أجزم بأنَّها مختصرة من الأصل. (٣) ساقط من الأصل. (٤) في (أ): "ثفاء"، وما أثبته في الصحاح: (نزا)، والنص هنا منقول منه. (٥) جاء في تهذيب اللغة: ٨/ ٣٨٧ " … والقميص: البرذون الكثير القُماصِ والقِماصِ، والضمُّ أفصحُ". (٦) جمهرة الأمثال: ٢/ ٢٢٧ قال: "هكذا روى لنا، والصحيح "أما بالعير من قُماصٍ".