ويقولون: ما مثلُ عبدِ اللهِ، يقولُ ذلك ولا أَخيه، ومِثْلُهُ: ما مثلُ أَخيك ولا أَبيك يقولان ذَلِكَ، وهو في الشُّذوذِ نَظيرُ إضمارِ الجارِّ".
قال المشرّحُ: إنَّما كانَ إضمارُ الجارِّ شاذًّا لأنَّ الجارَّ مع المجرورِ كشيءٍ واحدٍ، وإضمارُ بعضِ الشَّيءِ مع إظهارِ بَعْضِهِ لا يَجُوزُ، كذلك إضمار المضافِ [إضمار الجار](٢) مثل ما رُوي عن رُؤبة بن العَجّاجِ أنه كان إذا قِيلَ له: كيفَ أصبحتَ؟ قال: خَيرٍ، أي بخَيرٍ، فإن سأَلتَ أليسَ في هذه المسألة عَطفٌ على عاملين مُخْتَلفين وأَنتم عَلى أنَّه لا يَجوزُ ذلك، أجبتُ: ذِكْرُ هذا المُضمَر قد تَقَدَّمَ فيكون إذا أضمرتَه لِتَقَدُّم الذّكرِ بمنزلةِ المُظهَرِ، ومن ثَمَّ لا يَجوزُ عبدَ الله المَقتولَ، وأنْتَ تريدُ: كُن عبدَ اللهِ المَقتولَ، وجازَ إضمارُ كان في قوله (٣): {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} أَلا ترى أنَّ المعنى فليَكُن رَجُلٌ وامرأتان لتقدّم ذِكرهما قَبلُ، وبه تَبَيَّن أنَّ سِيبَويهِ قد خَرَّج المسأَلةَ بقولِه: كأنَّكَ قد أظهرتَ كلًّا فلا يُنظر إلى اللَّفظِ لكن إلى كثرةِ المعنى.
قالَ جارُ اللهِ: "فصلٌ، وقد حُذِفَ المضافُ إليه في قولِهِم: كانَ
= العرب وكرمائِها، وأحدُ نُعَّاتِ الخيل المجيدين عاصر النعمان بن المنذر بن ماء السماء ومدحه. ترجمته في الشعر والشعراء: ١/ ١٢٦، والأغاني: ١٦/ ٣٧٣، وخزانة الأدب: ٤/ ١٩٠ .. (١) انظر ديوان أبي دؤاد الأيادي: ٣٥٣. توجيه إعرابه وشرحه في: إثبات المحصّل: ٢٠ - ٢٣، والمنخّل: ٧٣، والخوارزمي ٤٣، وزين العرب: ٢٦ وشرح ابن يعيش: ٣/ ٢٦، ٢٧، ٢٩، ٧٩، والزملكاني: ٢/ ١٧١. وهو من شواهد كتاب سيبويه: ١/ ٣٣، وانظر شرحه للرّماني: ١/ ٢٥ وشرح أبياته لابن خلف: ١/ ٣٣، والنكت للأعلم الشنتمري: ٤٦، وانظر: الكامل: ١/ ١٦٩، ٢/ ٧٢، وأمالي ابن الشجري: ١/ ٢٩٦، والإنصاف ٢٧٨، والمقرب: ١/ ٢٣٧، وتعليقة ابن النحاس عليه: ٧٣، وضرائر الشعر: ١٦٦. وشرح أبيات المغني للبغدادي. وينسب إلى عدي بن زيد. (٢) في (ب). (٣) سورة البقرة: آية: ٢٧٢.