للمَعطوفِ عليه من الحُكمِ. فإن سَألتَ: لو كانَ العَطفُ ها هنا (١) جامعًا بينَ المعطوفِ والعطوفِ عليه، لبُنِيَ المعطوفُ أجبتُ: العَطفُ يَقتَضِي المُشارَكَةَ في الإِعرابِ لا في البناء ونظيرُه {يَاجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيرُ}(٢)(٣) على قراءة من قرأ (الطيرُ) رفعًا (٤) فإنَّ المعطوفَ ها هنا معربٌ بالإِجماعِ، وإنَّ المعطوفَ عليه مبنيٌّ (٥) وأمَّا:
ألا رَجُلًا جَزاهُ اللهُ خَيرًا
فإنَّه ضَمَّنَ كلمةَ النَّفيِ مقرونةً بهمزةِ الاستفهام معنى التَّمَنّي. قالَ ابنُ السّرّاج (٦): الألفُ إذا دَخَلَت على "لا" جازَ أن يكونَ الكلامُ استفهامًا، وجازَ أن يكونَ تَمَنّيًا. ولذلك سُمِيّتِ المرأةُ بالمُتمَنيّةِ لقولها (٧):
أَلا سَبِيلَ إلى خَمْرٍ فأشرَبَها … أَلَا سَبيلَ إلى نَصْرِ بنِ حَجَّاجِ
والذي يَدُلُّ على كونِهِ تَمَنِّيًا قولهم: أَلا ماءَ أَشربْهُ - بالجَزمِ، إذ لو لم يَكُن محمولًا عليه لما جَازَ انجزامُ "أَشْرَبْهُ"، لأنَّه حينئذٍ يَصيرُ المعنى إن لم
(١) في (ب). (٢) سورة سبأ: آية: ١٠. (٣) هي قراءة ابن مهران كما في كتاب النشر: ٢/ ٣٤٩، وهي أيضًا قراءة أبي رزين، وأبي عبد الرحمن السّلمي، وأبي العالية، وابن أبي عبلة انظر زاد المسير: ٦/ ٤٣٦. (٤) في (ب) مبنيًا. (٥) في (أ) بمعنى. (٦) الأصول: ١/ ٤٨٣. (٧) صاحبة هذا البيت المتمنية، وهي الفريعة بنت همّام وتعرف بـ (الذّلفاء) انظر الخزانة: ٢/ ١٠٨، ١٠٩ وهي امرأة مدنيّة عشقت فتى من بني سليم يقال له نصر بن حجّاج بن علاط، وكان أحسن أهل زمانه صورة، فأرسلت إليه فزجرها ولم يوافقها. وضرب بها المثل فقيل: أصبّ من المتمنية: الدرة الفاخرة: ١/ ٢٧٤، وزعم بعضهم أنها هي أمّ الحجاج بن يوسف، وزعم آخرون أنّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه حلق شعره وهجّره إلى البصرة … وأنه قال شعرًا يستعطفه … هذا وغيره في الخزانة: ٢/ ١١٠، ١١١. والبيت في كتاب الشعر لأبي علي الفارسي: ١٦٣، وشرح المفصل لابن يعيش: ٨/ ٢٧.