والنقصُ (١) إنما يقعُ في الأسماءِ والأفعالِ دونَ الحُروفِ.
احتجَّ المبردُ والكوفيون: بأنَّه يتصرفُ تَصَرُّفَ الأفعالِ، قال النّابغة (٢):
وَلَا أُحاشِي من الأقوامِ من أَحَدِ
وبأنَّه يدخُله الحَذفُ (٣) فيقال: {حَاشَ لِلَّهِ} وهي قراءةُ أكثر القُراء، وبأنَّ لامَ الجَرِّ تَتَعَلَّقُ به في قوله: حاشَى للَّهِ، وحروفُ الجَرِّ لا تَتَعَلّقُ بحرفِ الجَرِّ. فإن سألتَ: اللامُ فيه مزيدةٌ كما زِيدت (٤) في قوله (٥): {رَدِفَ لَكُمْ}؟ أجبتُ: اللَّامُ لا تزادُ إلّا لتأكِيدِ معنى الفِعلِ، وهذا يقتَضي أن يكونَ حاشى فعلًا. حُجَّةُ البصريين ما قالَه سِيبويهِ (٦): لأنَّها لو كانت فعلًا لجازَ أن تكونَ صِلَةً لما، كما يَجُوزُ ذلك في خَلا، فلّما امتنعَ أن يُقالَ: جاءَ القومُ ما حاشى زَيدًا دَلّت (٧) على أنّها ليست بفعلٍ، ولأنَّهم قالوا: حاشايَ، من غيرِ
(١) في (ب) النقصان. (٢) ديوان النابغة: ١٣ وصدره: ولا أرى فاعلًا في الناس يشبهه ويروى: وما أحاشي، وهو من قصيدته التي أولها: يا دار ميّة بالعلياء فالسّند … أقوت وطال عليها سالف الأبد وقد عدّها ابن النحاس في المعلقات: ٢/ ٧٥٠، وعدّها التبريزي في العشر: ٤٦٢ ط حلب. والبيت في مجالس ثعلب: ٥٠٤، والجمل: ٢٤٠، وانظر شرح شواهده لابن السّيد: ١٠١، وشرحها لابن هشام اللخمي: ١٨، ٢٠٧ وشرحها لأبي جعفر اللّبلي: ٥٧، وانظر شرح ابن يعيش: ٢/ ٨٥، ٨/ ٤٨، ٤٩ وشرح الأندلسي: ١/ ٢٨١، وشرح الزملكاني: ٢/ ١١٥، وانظر أيضًا الأصول لابن السراج: ١/ ٣٥٦، وأمالي ابن الشجري: ٢/ ٨٥، والغرة لابن الدهان: ١/ ١١٢، والبديع لابن الأثير: ٧٩ والخزانة: ٢/ ٤٢. (٣) في (أ) الحرف. (٤) في (ب). (٥) سورة النمل: آية: ٧٢. (٦) الكتاب: ١/ ٣٧٧، وانظر شرحه للسّيرافي: ٣/ ١٢٩، ١٣٠ والنكت عليه للأعلم الشنتمري: ٢٤٠، ٢٤١، والأصول لابن السراج: ١/ ٣٥٠. (٧) في (ب).