جملةٍ، يكونُ في الثانيةِ من التَّخصِيصِ ما يكون بمنزلةِ الاستثناءِ كقولك:"جاءَني الناسُ ولم يجئنِي زيدٌ" و"ذهبَ القومُ ولا أريدُ زيدًا" قال الله تعالى (١): {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ}، ثم قال:(٢){فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ} فقامَ ذلك مَقامَه إلَّا أن يكونَ له إخوةٌ فلأمِّه السُّدُسُ، قالَ الله تَعالى (٣): {الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا} ثم قال (٤): {وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ} فقامَ مقامَ إلَّا من يُؤمِنُ بالله.
الثاني: - أن يكونا في مَحَلِّ الحال، ويكون التقديرُ في قامَ القومُ ليسَ زيدًا، قامَ القومُ خَالينَ من زيدٍ، ويقالُ: جاءَني القَومُ ليس مَعَهُم بَكْرٌ، كما يقال: وَمَعَهُمْ بَكْرٌ [ويجوزُ لَيس مَعَهُم بكرٌ، كما يقالُ وَمَعَهُم بَكْرٌ](٥)، وذلك لا يَجُوزُ مع إلَّا. ويجوزُ في ليس ولا يكون أن تَقَعَا صِفَتَين لما قَبْلَهُما وهما من كلامٍ، وموضِعُهُما من الإِعرابِ موضعُ ما قَبْلَهُمَا كقولك: ما أتتني امرأةٌ لا يكون فلانةً، ورأيتُ امرأةً ليست فلانةً، ومررتُ بامرأَة ليست هِندًا ولو قلت: أتتني امرأةٌ خَلَت هِندًا لم يَجز.
قالَ جارُ اللهِ:"وهذه أفعالٌ مضمرٌ فاعِلُها".
قال المشرّح: يعني خَلا، وعَدا، وما خَلا، وما عَدا، وليسَ، ولا يكونُ، وتقديرُ الفاعِلِ فيها شبيهٌ بما ذَكَرنَا من تقديرِ الفاعِلِ في ليسَ ولا يكونُ.
قالَ جارُ اللهِ: وما قُدّمَ من المُستثنى كقولك: ما جاءَني إلَّا أَخاك
(١) سورة النساء: آية: ١١. (٢) نفس السورة والآية. (٣) سورة التوبة: آية: ٩٧. (٤) سورة التوبة: آية: ٩٩. (٥) في (ب).