يجوزُ، لأنَّه مُتَّصلٌ، مَرفوعٌ، غيرُ مُؤكَّدٍ، وكذلك لو قلتَ: أنت تسيرُ والنيلَ، فتنصِبُ النيلَ، لأنَّه لو رُفِعَ لأوهَمَ أنَّه يَسيرُ، والنيلُ لا يسيرُ، وإنَّما يَجرِي، ولأنَّه يلزمُ العَطفُ على الضَّميرِ المُتَّصِلِ المرفوعِ. وكذلك قوله:
وَكُونُوا أنْتُمُ وبَنِي أَبِيكُم
يريدُ: لِتَكُنِ نِسبَتُكُم إلى بَنِي أَبيكُمْ نِسبَةَ الكليتَينِ إلى الطِّحَالِ، ولو رَفَعَ لأوهَمَ، لأنَّ المنسوبَ إليه شيءٌ آخرُ.
قالَ جارُ اللهِ: "ومنه قوله تَعالى (١): {فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ} ". قالَ المشرِّحُ: وكذلك قوله (٢): {فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ} لأنَّ الاجتماعَ لا يكونُ في الأعيانِ إنما هو في المَعَاني، فمعنَى الآية: اجمِعوا أمرَكم، واجمَعوا شركاءَكم، الأوَّلُ من الاجتماعِ والثاني من الجَمع. تخميرٌ: اعلم أنَّ المنصوبَ بمعنى "مَعَ"، يدخلُ في الحُكْمِ السَّابقِ على سبيلِ التَّبَعِ، اعتبِره بقولهم: جاءَ البردُ والطّيالِسَةَ، فالطيالسةُ -وإن كانت داخلةً في حكمِ المجيءِ لكن على سَبِيلِ التَّبعِ للبَرْدِ. قالَ الإِمامُ عبدُ القاهِرِ الجُرجاني (٣): لو قلتَ: جاءَني الطّيالسةُ والبَردَ، ولو تُركَ الفصيلُ والناقةَ لم يَستقم.
قالَ جارُ اللهِ: "أو ما هو بمعناه نحو قولِكَ: ما لكَ وزيدًا، وما شَأنُك وعمرًا، لأنَّ (٤) المعنى فيها (٥) ما تَصنَعُ، وما تلابِسُ، وكذلك حَسبُك وزيدًا
(١) سورة يونس: آية: ٧١.(٢) شرح الأندلسي: ١/ ٢٣٨.(٣) شرح الإِيضاح لعبد القاهر: ١٢١.(٤) كررت في (أ) سهوًا من الناسخ.(٥) في (أ) فقط.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute