وامرأةٌ ذاتُ جَمالٍ (١) فإِن سألتَ: فهل بينَ قولهم سِرنا مَرّةً وسِرنا ذاتَ مرّةٍ فرقٌ؟ أَجبتُ: نَعَم (٢) إِذا قيلَ: سِرنا مرّةً احتَمل أن يكونَ للقائلِ عِلمٌ بتلكَ المرةِ زائدٌ على عِلمِ المخاطبِ بها، كما إِذا قُلتَ: أكلتُ طَعامًا فإنه يَحتملُ أن يكونَ ذلك الطعامُ معلومًا للمتكلمِ غيرَ معلومٍ للمخاطبِ بخلافِ "ذاتَ مرّةٍ" فإنَّه يتبرأ المُتَكَلّمِ من زيادةِ العلمِ. قوله: بكرةً (٣) على التنوين. كذا السَّماعُ، وسَحَر غير منونٍ (٤)، وهو عندي مبنيٌّ، وعندَ النَّحويين لا ينصرفُ، وقد قَرَّرتُ فيما مضى من هذه المسألة فإن سألتَ: كيفَ لم يُبنَ سُحَيْرًا مع أنّ كلًّا منهما متضمنٌ لمعنى اللَّامِ؟ أجبتُ: لأنَّ كونَه مُتَضَمّنًا (٥) لمعنى اللامِ إن اقتضى أن يكونَ بمنزلةِ الحرفِ فكونه مُصَغَّرًا يقتضي أن يكونَ إسمًا وكونُه مُصَغَّرًا آخرُهما وجودًا فيكونُ الغلبةُ له.
قالَ جارُ اللَّهِ:"ومثله عندَ وسِوى وسَواء".
قالَ المشرّحُ: عِندَ من الظُّروفِ اللّازمةِ، لأنَّه لا يدخلُ عليه من العَوامِلِ سِوى "مِن"، وأنَّها لا تَخلو من الظَّرفيَّةِ، كما في قولِهِ تعالى (٦): {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ}، أي بعضُ اللَّيل، قالَ الإِمامُ عبدُ القاهِر الجُرجاني: وتقولُ العامَّةُ: خرجتُ إلى عندِه خطأ. سِوى، وسَواء (٧) في الأصلِ من صفاتِ الأمكنةِ، يُقَالُ: مكانٌ سُوىً، ثمَّ أْجري مَجرى المكانِ في قولك: جاءَني القومُ سِواكَ أي مكانك، وبذلك (٨) - انتصبَ المحدودُ. ويشهدُ لكونِهِ ظرفًا أنَّه تَسْتَقِلُّ به في السّعةِ الصلةُ،
(١) في (أ) مال. (٢) نقل الزملكاني في شرحه: ٢/ ٦٧ شرح هذه الفقرة مصرحًا بنقله عن صدر الأفاضل. (٣) في (أ) بكرا. (٤) شرح الأندلسي: ٢/ ٢٣١. (٥) في (أ) متضمن. (٦) سورة الإِسراء: آية: ٧٩. (٧) انظر النّص في شرح الأندلسي: ١/ ٢٣٢ نقلًا عن الخوارزمي. (٨) في (أ) وبذلك.