قال جارُ اللهِ:" (فصل) و"لن" لتأكيد ما تعطيه "لا" من نفي المستقبل تقول: لا أبرح اليوم مكاني فإذا وكدت وشددت قلت: لن أبرح اليوم مكاني، قال الله تعالى (١): {لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ} وقال (٢): {فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي} ".
قال المُشَرَّحُ: تقول: لن يذهب زيد أبدًا لمن قال: يذهب زيد غدًا.
قال جارُ اللهِ:"وقال الخليل: أصلها لا أن، فخفف بالحذف، وقال الفراء نونها مبدلة من الألف في "لا" وهي عند سيبويه حرف برأسه وهو الصحيح".
قال المُشَرَّحُ:"لن" نفي سيفعل، تقول: سيقوم عمرو فيقول: لن يقوم عمرو (٣).
وزعم الخَلِيْلُ أن أصل "لن": "لا""أن" ولذلك نصبت الفعل، إلا أنها خففت لكثرة ورودها كما حققت ويلمَّه، وأيشٍ تريد ونحو ذلك، ونظيره حذفا بعد تخفيف قراءة من قرأ (٤): {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} بفتح اللام وسكون الثاء. فردّ عليه سيبويه بأنَّ قال: لو كان أصلها "لا""أن" لما جاز زيدًا لن أضرب كما لا يجوز زيدًا لا أن أضرب، لأن أضرب ويضرب صلة "أن"، وما بعد الموصول لا يعمل فيما قبله.
(١) سورة الكهف: آية ٦١. (٢) سورة يوسف: آية ٨٠. (٣) جاء في هامش نسخة (ب): " (ح) ابن الدَّهان: أبو الحَسَن عن الخليل في كتاب "الأدوات" أن "لن" كلمة تؤكد الجحد في المستقبل فإذا قلت: لن أفعل فقد أكدت على نفسك أنك لا تفعله أبدًا، وقال في تفسير "لن" إنه يخلِّص الفعل للمستقبل وينفيه، وذلك في قولك: لن يذهب زيد أبدًا إذا قال قائل: سيذهب زيدٌ غدًّا". رأي الخليل في الكتاب (١/ ٤٠٧)، تهذيب اللغة (١٥/ ٣٣٢)، الصاحبي (ص ١٦٥). (٤) سورة البقرة: آية ٢٠٣، وهي قراءة سالم بن عبد الله. البحر المحيط (٢/ ١١١).