قال المُشَرِّحُ:"لكنَّ" و"لكنْ" متقاربتا المعنى إلا أنَّ المشددةَ من الحروف المُشبهة والمخففة من حروف العَطف. قال أبو حاتِمٍ: إذا كانت "لكن" بغير واو في أولها فالتَّخفيف فيها الوجه، نحو {لَكِنِ الرَّاسِخُونَ}(١) ونَحوه، لأنَّها بمنزلة "بل" من جهة أنَّها لا تدخلُ عليها الواو، ولأنها من حروفِ العطف. وإذا كانت بالواو في أولها فالتَّشديدُ فيها هو الوجه وإن كان الوجهان جائزان.
قال جارُ اللهِ:""كأنَّ" هي للتَّشبيه ركبت الكاف مع "أن" كما ركبت مع "ذا" و"أي" في كذا وكأي وأصل قولك: كأنَّ زيدًا الأسد، أنَّ زيدًا كالأسد، فلما قدمت الكاف فتحت لها الهمزة لفظًا و [المعنى على الكسر](٢) ".
قال المُشَرِّحُ: كَذَا، وكأيْ قد مضيا في قسم الأسماء.
قال جارُ اللهِ: [(فصلٌ) والفرق] (٣) بينه وبين الأصل أنك (٤) ها هنا بانٍ كلامك على التَّشبيه من أول الأمر، ومن ثمَّ بعد مضي صدره عن الإِثبات".
قال المُشَرِّحُ: إنما فَتَحُوا الكاف (٥) مع "إن" لأنها (٦) لا تدخل على المفرد وراعوا حقها لفظًا، وإن كان المعنى على الكسرِ، لكونها جملةً، وهذا كقولك: الضارب زيدٌ، [فإنَّ ضارب في قولك: الضارب فعل، بدليل أنك قلتَ: جاءَني](٧) فمعناه: الذي ضربَ زيدًا جاءَني لكنه أخرج في معرض الاسم مراعاة للام نظير كأنَّ زيدًا الأسدُ، اضرب إمَّا زيدًا وإمَّا عمرًا ونظير زيدٌ كالأسد اضرب زيدًا أو عمرًا.
(١) سورة النساء: آية ١٦٢. (٢) في (ب). (٣) في (أ): "والفصل بينه … ". (٤) ساقط من (أ). (٥) ساقط من (ب). (٦) ساقط من (ب). (٧) ساقط من (ب).