فإن سألتَ: من الناس من يفسر من ذكرت من حد الحرف في صدر الباب بأنه الذي لا يفيد معنًى إلا إذا اقترن به الأسماء والأفعال؟
أجبتُ: لو كان الأمر كذلك لما فهم للحروف وقت إطلاقها معنًى، بل عقب ذلك حتى تلحقها الأسماء والأفعال وتبين بطلان ذلك.
قَال جارُ اللهِ:"إلا في مواضع مخصوصة حُذِفَ فيها الفعل واقتُصر على الحرفِ فجرى مجرى الثَّابت نحو قولك: نَعم، وبَلى (١)، وأي، وإنه، ويا زيد و"قد" في قوله:
* .................... وكَأَنْ قَدِ *
قال المُشرِّحُ: إذا (٢) قيل: هل خرج زيدٌ؟ فقلتَ: نَعَمْ، فمعناه: نَعَمْ خَرَجَ زَيْدٌ (٣)، وكذلك إذا قيل: ألم يخرج زيدٌ؟ فقلتَ: بلى، فمعناه: بلى خرج، وإذا قيل: هل كان كذا؟ فقلت: إيْ واللهِ، فمعناه: أيْ واللهِ كانَ كذا، و"إنَّهْ" بمعنى (جَيْرِ) في قوله (٤):
مذهبُ النَّحويين أنَّ حرفَ النِّداء أصله أن يُقال: يا أَعني زيدًا، قال سيبويه في تَمْثيله: يا إيَّاك أعني. و"قد" في قوله: "وكأنْ قَدِ" معناه: وكأن زَالت وهذا من قوله (٥):
(١) كررت في (أ). (٢) نقل الأندلسي في شرحه (٣/ ٣٥٥) شرح هذه الفقرة بتمامها. (٣) ساقط من (ب). (٤) سيأتي ذكره بعد صفحات. (٥) البيت للنابغة الذبياني في ديوانه (ص ٨٩).