فصل: قالَ جارُ اللَّهِ: "وتقول (١): إن تأتني آتك فأحدثُك بالجزم، ويجوزُ الرَّفع على الابتداء، وكذلك الواو وثُم، قالَ اللَّهُ تعالى (٢): {مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ}(٣) وقُرِئَ {وَيَذَرْهُمْ} بالجزمِ (٣)، وقال (٤): {إِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ}، وقال (٥): {وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ} ".
قالَ المُشَرِّحُ: المعنى إن تأتني آتك فإنّني ممنْ يُحَدِّثْكَ، مَن رفع {وَيَذَرُهُمْ} لم يجعل الحرف العاطف للاشتراك، ولكن لعطف جُملةٍ على جُملةٍ، ونظيرها في الوَجهين {وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ}(٦).
قالَ جارُ اللَّهِ: "وسأَل سيبويه الخَليل (٧) عن قوله عزَّ وجَل (٨): {رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ} فَقَال هذا كقولِ عُمرو بن مَعْدِي كَرِبٍ (٩):
(١) يظهر أن الناسخ في نُسخة (ب) أسقط كلمة (فصل) ثم استدركها وكتبها قبل: قال جارُ اللَّه. (٢) سورة الأعراف: آية: ١٨٦. (٣) ساقط من (ب). (٤) سورة محمد: آية: ٣٨. (٥) سورة آل عمران: آية: ١١١. (٦) سورة البقرة: آية: ٢٧١ وكلمة {وَيُكَفِّرُ} ساقط من (ب). (٧) الكتاب: ١/ ٤٥٢. (٨) سورة المنافقون: آية: ١٠. (٩) البيت في ملحقات ديوانه: ١٨٥، قال أبو البركات ابن المستوفي في إثبات المحصل: ١٤٠ "ولم أجد بيت عمرو في ديوان شعره وهو عندي بخط مكتوب في محرم سنة سبع وسبعين وثلاثمائة". توجيه إعراب البيت وشرحه في إثبات المحصل: ١٤٠، والمنخل: ١٥٥ وشرح المفصل لابن يعيش: ٧/ ٥٦، وينظر: الخزانة: ٣/ ٦٦٤.