من أصحابه: كنا نحن أحق بهذا من هؤلاء، قال: فبلغ ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال:«ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء، يأتيني خبر السماء صباحاً ومساء؟»، قال: فقام رجل غائر العينين، مشرف الوجنتين، ناشز الجبهة، كث اللحية، محلوق الرأس، مشمّر الإزار، فقال: يا رسول الله! اتق الله، فقال:«ويلك! أو لست أحق أهل الأرض أن يتقي الله؟»، قال: ثم ولّى الرجل، فقال خالد بن الوليد: يا رسول الله، ألا أضرب عنقه؟ فقال:«لا، لعله أن يكون يصلي»، قال خالد: وكم من مصل يقول بلسانه ما ليس في قلبه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إني لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس، ولا أشق بطونهم»، قال: ثم نظر إليه وهو مقفّ فقال: «إنه يخرج من ضئضئ هذا قوم يتلون كتاب الله رطباً، لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية». قال: أظنه قال: «لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل ثمود»(١).
رابعاً: عن عكرمة أن علياً -رضي الله عنه- حرق قوماً، فبلغ ذلك ابن عباس -رضي الله عنه- فقال: لو كنت أنا لم أحرقهم؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:«لا تعذبوا بعذاب الله». ولقتلتهم كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «من بدل دينه فاقتلوه»(٢).
(١) أخرجه البخاري في صحيحه ص ٨٩٥، كتاب المغازي، باب بعث علي بن أبي طالب وخالد بن الوليد إلى اليمن قبل حجة الوداع، ح (٤٣٥١)، ومسلم في صحيحه-واللفظ له- ٤/ ٣٩٢، كتاب الزكاة، باب ذكر الخوارج وصفاتهم، ح (١٠٦٤) (١٤٤). (٢) سبق تخريجه في ص ١٢٣٥.