علم الناسخ والمنسوخ من الكتاب والسنة علم مهم وضروري كما سبق ذكره في أهمية الموضوع وأسباب اختباره.
وأهميته يدل على فضيلته، كما يدل عليه الأمور التالية:
أولاً: أن معرفة الناسخ والمنسوخ من الحكمة التي من أوتيها فقد أوتي خيراً كثيراً، فعن ابن عباس-رضي الله عنهما- أنه قال في تفسير قوله تعالى:{وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا}(١). قال:(المعرفة بالقرآن ناسخه ومنسوخه، ومحكمه، ومتشابهه، ومقدمه، ومؤخره، وحرامه، وحلاله، وأمثاله)(٢).
فدل هذا على فضيلة علم الناسخ والمنسوخ، وضرورة معرفته وتعلمه.
ثانياً: أنه روي عن جمع من الصحابة -رضي الله عنهم- عدم جواز الإفتاء إلا لمن عرف الناسخ والمنسوخ وعلمه، فعن أبي عبد الرحمن السلمي، قال: انتهى علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- إلى رجل يعظ الناس، فقال:(أعلمت الناسخ والمنسوخ؟) قال: لا. قال:(هلكت وأهلكت)(٣).
وفي رواية عنه -رضي الله عنه- أنه دخل المسجد، فإذا رجل يخوّف الناس، فقال: ما هذا؟ قالوا رجل يذكّر الناس، فقال:(ليس برجل يذكر الناس، ولكنه يقول: أنا فلان بن فلان فاعرفوني، فأرسل إليه، أتعرف الناسخ والمنسوخ؟) فقال: لا.
(١) سورة البقرة، الآية (٢٦٩). (٢) سبق تخريجه في ص ٨. (٣) سبق تخريجه في ص ٧.