أبا بكر وعمر، فقلت لهما. فقالا: ارجع إليه، فرجعت إليه الثانية فسألته فلم يرد عليّ شيئاً، فرجعت إليهما فقالا: انطلق فازرعها، فإنه لو كان حراماً نهاك عنه، قال: فزرعها الرجل حتى اهتز زرعه واخضرّ، وكانت الأرض على طريق لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فمرّ بها يوماً فأبصر الزرع، فقال:«لمن هذه الأرض؟» فقالوا: لفلان زارع بها فلاناً، فقال:«ادعوهما إليّ جميعاً» قال: فأتياه، فقال لصاحب الأرض:«ما أنفق هذا في أرضك فرده عليه، ولك ما أخرجت أرضك»(١).
تاسعاً: عن زيد بن ثابت -رضي الله عنه- قال:(نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن المخابرة) قلت: وما المخابرة؟ قال: أن تأخذ الأرض بنصف أو ثلث أو ربع (٢).
ويستدل من هذه الأحاديث على نسخ جواز المزارعة بوجهين كما يلي:
الأول: إن بعض هذه الأحاديث يدل على أن الأرض كانت تكرى على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأن جماعة من الصحابة-رضي الله عنهم-عملوها على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. وسائر الأحاديث المذكورة تدل على النهي عن المزارعة؛
(١) أخرجه إسحاق بن راهوية في مسنده، كما في اتحاف الخيرة المهرة للبوصيري ٣/ ٣٨٦، وأخرجه الحازمي في الاعتبار ص ٤٢٠، والسياق له. وهو حديث مرسل؛ لأن رفاعة ليس من الصحابة، ولعله أخذه عن أبيه؛ لأنه بمعنى الحديث السابق. (٢) أخرجه أبو داود في سننه ص ٥٢٠، كتاب البيوع، باب في المخابرة، ح (٣٤٠٧). وصححه الشيخ الألباني في صحيح سنن أبي داود ص ٥٢٠.