واعترض عليه: بأن حديث ابن عمر -رضي الله عنه- يدل على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يشترط في الحج، وليس فيه ما يدل على نسخ حديث الاشتراط. أما ما روي عن ابن عباس -رضي الله عنه- فلا يصح الاستدلال منه على النسخ؛ لأمرين هما:
أ- إنه ضعيف فلا يعارض ما صح وثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولا يقوى على نسخه (١).
ب- إن قوله تعالى:{فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}(٢). نزل عام الحديبية سنة سبع يدل على ذلك ما جاء في حديث كعب بن عجرة (٣) -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رآه وقمله يسقط على وجهه فقال:«أيؤذيك هوامُّك؟» قال: نعم، فأمره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يحلق وهو بالحديبية، ولم يبين لهم أنهم يحلون بها وهم على طمع أن يدخلوا مكة، فأنزل الله الفدية فأمره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يطعم فرقاً (٤) بين ستة مساكين، أو يهدي شاة، أو يصوم ثلاثة أيام (٥).
(١) راجع الكلام عليه في تخريجه، وانظر: المنهاج شرح صحيح مسلم ٥/ ٦١. (٢) سورة البقرة، الآية (١٩٦). (٣) هو: كعب بن عجرة بن أمية بن عدي، الأنصاري المدني، أبو محمد، شهد عمرة الحديبية، وروى عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وروى عنه ابن عمر، وجابر، وغيرهما، وتوفي بعد الخمسين. انظر: تجريد أسماء الصحابة ٢/ ٣١؛ الإصابة ٣/ ١٦٩١؛ التقريب ٢/ ٤٢. (٤) الفرق مكيال تسع فيه ستة عشر رطلاً. انظر: مختار الصحاح ص ٤٤٠؛ التعريفات الفقهية ص ١٦٤. (٥) أخرجه البخاري في صحيحه ص ٨٥٩، كتاب المغازي، باب غزوة الحديبية، ح (٤١٥٩)، ونحوه مسلم في صحيحه ٤/ ٥٢، كتاب الحج، باب جواز حلق الرأس للمحرم إذا كان به أذى، ح (١٢٠١) (٨٣).