[المبحث الثاني: حلق الشعر]
المطلب الأول: حلق شعر الرأس
حلق شعر الرأس من محظورات الإحرام.
الأدلة:
أولاً: من الكتاب:
قوله تعالى: وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ [البقرة: ١٩٦].
ثانياً: من السنة:
عن عبدالله بن معقل، قال: ((جلست إلى كعب بن عجرة رضي الله عنه، فسألته عن الفدية، فقال: نزلت فيَّ خاصة، وهي لكم عامة، حُمِلتُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والقمل يتناثر على وجهي، فقال: ما كنت أرى الوجع بلغ بك ما أرى - أو ما كنت أرى الجهد بلغ بك ما أرى - تجد شاة؟ فقلت: لا، فقال: فصم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين، لكل مسكينٍ نصف صاع)) رواه البخاري ومسلم (١).
وجه الدلالة:
أنه رتب فدية الأذى على حلق الرأس مع كونه للعذر، فدل على أنه من محظورات الإحرام.
ثالثا من الإجماع:
نقل الإجماع على ذلك ابن المنذر (٢) , والنووي (٣).
المطلب الثاني: حلق شعر غير الرأس
اختلف أهل العلم في كون حلق شعر غير الرأس من محظورات الإحرام على قولين:
القول الأول: أنه محظور، وهذا باتفاق المذاهب الأربعة: الحنفية (٤)، والمالكية (٥)، والشافعية (٦)، والحنابلة (٧)، وحكى ابن عبدالبر فيه الإجماع (٨).
الأدلة:
أولاً: أثر عن ابن عباس رضي الله عنهما، ((أنه قال في قوله تعالى: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ [الحج: ٢٩]: (التفث: الرمي، والذبح، والحلق والتقصير، والأخذ من الشارب، والأظفار، واللحية)) (٩).
ثانياً: القياس على شعر الرأس:
قياس شعر الجسد على شعر الرأس؛ بجامع أن الكل يحصل بحلقه الترفه، والتنظف، وهو ينافي الإحرام لكون المحرم أشعث أغبر (١٠).
القول الثاني: أنه لا يحظر حلق غير شعر الرأس، وهذا مذهب أهل الظاهر (١١)، وقوَّاه ابن عثيمين (١٢).
الأدلة:
(١) رواه البخاري (١٨١٦)، ومسلم (١٢٠١).
(٢) قال ابن المنذر: (أجمعوا على أن المحرم ممنوعٌ من حلق رأسه، وجزه، وإتلافه بجزه، أو نورة، وغير ذلك) ((الإجماع)) لابن المنذر (ص: ٥٢).
(٣) قال النووي: (أجمع المسلمون علي تحريم حلق شعر الرأس، وسواء في تحريمه الرجل والمرأة) ((المجموع)) للنووي (٧/ ٢٤٧).
(٤) ((الهداية)) للمرغياني (١/ ١٦٢).
(٥) ((الكافي)) لابن عبدالبر (١/ ٣٨٩).
(٦) ((روضة الطالبين)) للنووي (٣/ ١٣٥).
(٧) ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (٣/ ٢٦٧)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (٢/ ٤٢١).
(٨) قال ابن عبدالبر: (لا خلاف بين العلماء أنه لا يجوز للمحرم أخذ شيءٍ من شعر رأسه وجسده لضرورة ما دام محرما). ((الاستذكار)) لابن عبدالبر (٤/ ١٦٠).
(٩) رواه ابن أبي شيبة في ((المصنف)) (٤/ ٨٥).
(١٠) ((الذخيرة)) للقرافي (٣/ ٣٠٨)، ((المجموع)) للنووي (٧/ ٢٤٧)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (٣/ ٢٦٧)، ((كشاف القناع)) للبهوتي (٢/ ٤٢١)، ((أضواء البيان)) للشنقيطي (٥/ ٤٦) ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (٧/ ١١٦).
(١١) قال ابن حزم: (جائزٌ للمحرم ... قص أظفاره وشاربه, ونتف إبطه, والتنور, ولا حرج في شيءٍ من ذلك, ولا شيء عليه فيه; لأنه لم يأت في منعه من كل ما ذكرنا قرآنٌ ولا سنة). وقال أيضاً: (إنما نهينا عن حلق الرأس في الإحرام والقفا ليس رأسا، ولا هو من الرأس) ((المحلى)) لابن حزم (٧/ ٢٠٨، ٢٤٦،٢٥٧)، وانظر: ((الذخيرة)) للقرافي (٣/ ٣٠٨)، ((المجموع)) للنووي (٧/ ٢٤٨)، ((الشرح الكبير)) لشمس الدين ابن قدامة (٣/ ٢٦٧)، ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (٧/ ١١٦).
(١٢) ((الشرح الممتع)) لابن عثيمين (٧/ ١١٦).