الجاهِليَّة فَرَقَيْتُ لهم فَوَعَدُوني، فلما أنْ كان اليوم فإذا عُرْسٌ لهم فأعطوني". فقال: "أفٍ لكَ! كِدْت تُهلكني". فأدخل يده في حَلْقِهِ فجعلَ يتقيأ، وجَعَلَتْ لا تَخْرُجُ، فقيل له: "إِنَّ هذه لا تخرج إلا بالماء". فَدَعَا كأس (١) من ماء فجعل يشرب ويتقيأ حتى رمى بها، فقيل له: "رحمك الله، كل هذا من أجل هذه اللقمة؟ ". فقال: "لو لم تخرج إلا بنفسي لأخرجتها، سمعت رسول الله ﷺ يقول:(كل جسد نَبَتَ من سُحْتٍ (٢) فالنار أولى به)، فخشيت أن ينبت شيءٌ من جسدي من هذه اللقمة" (٣).
وكذا رواه عَبْد بن حُميد: عن أبي داود (٤)، عن عبد الواحد بن زيد، عن أسلَم الكوفي، عن مُرَّة، عن زيد بن أرقم بنحوه (٥).
(١) في الأصل: (كعس)، وهو تصحيف، والصواب ما أثبتُّه من حلية الأولياء لأبي نُعيم (حديث رقم ٦٧) (١/ ٣١). (٢) سُحْت: من سحت، وهو: الحرام الذي لا يحلّ كسبه، ويلزم آكله العار. معجم مقاييس اللغة لابن فارس، مادة (سحت) (ص: ٤١٧)، النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير، مادة (سحت) (١/ ٧٥٨). (٣) ورواية الحسن بن سفيان أخرجها أبو نعيم في حلية الأولياء -واللفظ له- أبو بكر الصديق (حديث رقم ٦٧) (١/ ٣١)، وأخرجه البَيْهقي في شعب الإيمان -واللفظ له- كتاب المطاعم والمشارب وما يجب التورع عنه منها، فصل (في طيب المطعم والملبس واجتناب الحرام) (حديث رقم ٥٧٥٩) (٥/ ٥٦)، وذكره السيوطي في جامع الأحاديث -واللفظ له- (حديث رقم ١٦٧) (١/ ١٦٦ - ٦٧)، وأخرجه الحاكم في المستدرك، كتاب الأطعمة، باب (لا يدخل الجنة لحم نبت من سحت) (حديث رقم ٧٢٤٦) (٥/ ١٧٥ - ١٧٦) بنفس الإسناد مختصرًا، ولفظه: (من نبت لحمه من السحت فالنار أولى له)، وأخرجه أحمد بن حنبل في الزهد، زهد أبي بكر الصديق ﵁ (حديث رقم ٥٦٧) (ص: ١٥١) من طريق إسماعيل عن قيس عن أبي بكر بنحوه، وأخرجه أيضًا في كتاب فضائل الصحابة. (٤) هو: أبو داود الطيالسي. (٥) ورواية عبد بن حميد أخرجها أبو يعلى في مُسنده، مُسند أبي بكر الصديق (حديث رقم ٧٩) (١/ ٥٧).