على بَراذِين (١) وبِغَال". قلنا: "والله لا ندخلُ إلا عليها". فأَرْسَلوا إلى الملك: "إنهم يَأْبَوْن". فدخلنا على رَواحِلِنا مُتقلدِينَ سُيوفَنا حتى انتهينا إلى غُرْفَةٍ له، فأنَخْنا في أَصْلِها - وهو ينظرُ إلينا - فقلنا: "لا إله إلا الله والله أكبر". والله يعلم، لقد تنفَّضَتِ (٢) الغرفة حتى صارت كأنها عِذْقٌ (٣) تَصْفِقُه (٤) الرياح، فأرسل إلينا: "ليس لكم أن تجهروا علينا بدينِكم". وأرسل إلينا: "أن ادخلوا". فدخلنا عليه، وهو على فِراشٍ له، وعنده بطارقَتُهُ من الرُّوم، وكل شيء في مجلسِهِ أحمرُ، وما حوله حُمْرة، وعليه ثياب من الحُمْر (٥)، فَدَنَوْنا (٦) منه فضحِكَ، وقال: "ما كان عليكم لو حيّيتموني بتحيَّتكُم فيما بينكم". فإذا (٧) عنده رجل فصيح (٨) بالعربية، كَثير الكلام، فقلنا: "إنَّ تحيتنا فيما بيننا لا تحِلُّ لك، وتحيتكَ (٩) التي
(١) بَرَاذِين: من برذن، وواحدة: برْذَوْن، وهو: الدابة من الخيل، ما كان من غير نتاج العرب، والأنثى من البراذين: برذونة. الفراهيدي: الخليل بن أحمد الفَراهيدي، كتاب العين، بيروت، دار الكتب العلمية، ط ١، ١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م، باب (الباء) (١/ ١٢٩). الصحاح للجوهري، مادة (برذن) (٥/ ٤٩٠)، لسان العرب لابن منظور، مادة (برذن) (١٣/ ٥١). (٢) تَنَفَّضَت: من نفض، وهي تدلّ على تحريك شيء لتنظيفه من غبار أو غيره، ويُسْتَعار، ويقال: نَفَضْتَها: أي حرَّكْتَها، وتَنَفَّضت: أي تَحَرَّكَت. معجم مقاييس اللغة لابن فارس، مادة (نفض) (ص: ٨٧٢)، النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير، مادة (نفض) (٢/ ٧٨٠). (٣) عذق: من عذق، وهي: النخلة. معجم مقاييس اللغة لابن فارس، مادة (عذق) (ص: ٦٢٦)، لسان العرب لابن منظور، مادة (عذق) (١٠/ ٢٣٨ - ٢٣٩). (٤) تصفقه: من صفق، أي تحركه، وتضربه، وتقلبه يمينًا وشمالًا. معجم مقاييس اللغة لابن فارس، مادة (صفق) (ص: ٤٦٨)، لسان العرب لابن منظور، مادة (صفق) (١٠/ ٢٠٢، ٢٠٥). (٥) كذا في الأصل، وفي دلائل النبوة للبيهقي (١/ ٣٨٧): (الحمرة). (٦) كذا في الأصل، وهو الصواب لأن سياق الكلام يقتضيه، وفي دلائل النبوة للبيهقي (١/ ٣٨٦): فدنوا). (٧) كذا في الأصل، وفي دلائل النبوة للبيهقي (١/ ٣٨٧): (وإذا). (٨) فَصِيح: من فصح، وهو: المنطلق اللسان في القول، والفَصِيح: الطَّليق. معجم مقاييس اللغة لابن فارس، مادة (فصح) (ص: ٧١٢)، النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير، مادة (فصح) (٢/ ٣٧٤). (٩) في الأصل: (تحتك) أو (تحيك)، وهو تصحيف، والصواب ما أثبتُّه من دلائل النبوة للبيهقي (١/ ٣٨٧).