أمَرَ اللَّهُ تعالَى نَبِيَّهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يَتَعَوَّذَ بِرَبِّ الناس المُقْتَدِرِ عليهم {مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ} يعني الشيطان -نعوذ باللَّه منه-، وهو يكون مصدرًا واسْمًا، وقال البَيْوَرْدِيُّ (١): الوِسْواسُ -بالكسر- المصدر، والوَسْواسُ -بالفتح- الاسم على قياس الزِّلْزالِ والزَّلْزالِ.
والوَسْوَسةُ: التَّخْلِيطُ الذي لا مَنْفَعةَ فِيهِ، يُقال لِما يَقَعُ فِي النَّفْسِ مِنْ عَمَلِ الخَيْرِ: إلْهامٌ، وَلِما يَقَعُ مِنْ عَمَلِ الشَّرِّ وما لا خَيْرَ فيه: وَسْواسٌ، وَلِما يَقَعُ من الخَوْفِ: إيجاسٌ، وَلِما يَقَعُ مِنْ نَيْلِ الخَيْرِ: أمَلٌ، وَلِما يَقَعُ من التقدير الذي لا عَلَى الإنْسانِ ولا له: خاطِرٌ (٢)، وأصل الوَسْوَسةِ الإزْعاجُ، يُقال: وَسَّ الفَرَسُ وَوَزَّ وَأزَّ بمعنًى واحدٍ.
وقوله: {الْخَنَّاسِ (٤)} يعني الشيطان، قال الزَّجّاجُ (٣): هو جاثِمٌ على قَلْبِ ابنِ آدَمَ، فَإذا غَفَلَ وَسْوَسَ، وَإذا ذَكَرَ اللَّهَ خَنَسَ؛ أي: تَأخَّرَ وَتَنَحَّى.
وقيل (٤): الخَنّاسُ: المُخْتَفِي عن الأعْيُنِ، كقوله:{بِالْخُنَّسِ}(٥)، قال قتادة (٦): إنَّ الخَنّاسَ له خُرْطُومٌ كَخُرْطُومِ الكَلْبِ في صورة الإنسان، فإذا ذَكَرَ العَبْدُ رَبَّهُ خَنَسَ.