وفي بكرة الأربعاء ثالث عشره فزع الناس إلى جامع دمشق (١) بالضعفاء والصغار والشيوخ متضرّعين إلى الله تعالى في نصرة الإسلام وهلاك عدوّهم، وأخرج المصحف الكريم العثماني وغيره على الرؤوس (٢)، وخرج الخطيب والقرّاء والمؤذّنون/٩٨ أ/إلى المصلّى ظاهر دمشق يسألون الله تعالى النصر والظفر.
[موقعة حمص](٣)
وفي هذه الأيام ما برحت التتار تتقدّم قليلا قليلا على خلاف عادتهم، فلما وصلوا حماه أفسدوا في ضواحيها وشعّثوا وأحرقوا بستان الملك المنصور صاحب حماه وجوسقه وما به من الأبنية، وعسكر المسلمين بظاهر حمص على حاله.
فلما كان يوم الخميس رابع عشر رجب التقى الجمعان عند طلوع الشمس، وكان عدد التتار ماية ألف وأكثر، وعسكر المسلمين على النصف من ذلك أو أقلّ، وتواقعوا من ضحوة النهار إلى آخره، وكانت وقعة عظيمة لم يشهد مثلها من سنين كثيرة. وكان الملتقى ما بين مشهد خالد رضي الله عنه إلى الرّستن والعاصي ومجمع المروج وتلك النواحي، واستظهر التتار في أول الأمر، واضطربت ميمنة المسلمين، وحمل التتار على ميسرة المسلمين فكسروها، وانهزم من كان بها، وكذلك جناح